السبت، 26 نوفمبر 2011

{{ هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة وصحبة أبى بكر الصديق }}


بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . هجرة الرسول من مكة إلى المدينة وصحبة أبى بكر . كان أبو بكر رجلاً ذا مال فكان حين استأّذن رسول الله فى الهجرة فقال له رسول الله " لا تَعجَل لَعَلَّ الله يَجعَلُ لَكَ صاَحباً " فابتاع راحلتين فاحتبسهما فى داره يَعلفهما إعداداُ لذلك . (( الرسول فى بيت أبى بكر يتفقان على الهجرة )) . عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان لا يخطىء رسول الله أن يأتى بيت أبى بكر أحد طرفى النهار إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان ذلك اليوم الذى أذن الله فيه لرسول الله في الهجرة والخروج من مكة من بين ظَهرَى قومه أتانا رسول الله بالهاجرة فى ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبوبكر قال ما جاء رسول الله هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تَأَخَرَ له أبابكر عن سريره فجلس رسول الله عليه وليس عند أبى بكر إلا أنا وأُختى أسماء بنت أبى بكر فقال رسول الله " أخرج عَنى مّن عندَكَ " فقال يارسول الله إنما هما ابنتاى وما ذاك فداك أبى وأُمى ؟ فقال " إنَّ اللهَ قَد أذن لى فى الخُرُوج وَالهجرَة " قالت فقال أبو بكر الصحبة يارسول الله قال " الصحبة " قالت فوالله مَا شَعَرتُ قَط قبل ذلك اليوم أن أحَدآً يبكى من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكى يومئذ ثم قال يَا نَبىّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعدَدتُهُمَا لهذا فاستَأجَرَا عبد الله ابن أرقط رَجُلاً من بنى الديل ابن بكر وكانت أُمه امرأة من بنى سهم ابن عمرو وكان مشركاً يدلُّهما على الطريق فدفعا إليه راحلتهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما . فلما أجمع رسولُ الله الخروج أتى أبابكر ابن أبى قُحَافَة فخرجا من خوخة لأبى بكر فى ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثورٍ بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنَهُ عبدَالله ابن أبى بكر أن يتسمَّع لهما ما يقول الناس فيهما نَهَارَهُ ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون فى ذلك اليوم من الخبر وأمر عَامرَ ابن فهيرة مولاه أن يَرعَ غنمه نَهَارَهُ ثم يُريحُهَا عليهما يأتيهما إذا أمسى فى الغار وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما . (( تأخر على ليرد ودائع رسول الله إلى أصحابها )) . ولم يعلم بخروج رسول الله أحدٌ حين خرج إلا على ابن أبى طالب وأبوبكر الصديق وآل أبى بكر أما علّى فإن رسول الله أخبره بخروجه وأمره أن يتخلَّف بعده بمكة حتى يؤدى عن رسول الله الودائع التى كانت عنده للناس وكان رسول الله ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم . (( رسول الله وأبو بكرفى غار ثور )) انتهى رسولُ الله وأبوبكر إلى الغار لَيلاً فدخل أبوبكر قبل رسول الله فَلَمَس الغار لينظر أفيه سَبُع أو حَيَّةٌ ؟ يقى رسول الله بنفسه . فأقام رسولُ الله فى الغار ثلاثاً ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائةَ ناقةَ لمن يَرُدُّهُ عليهم وكان عبد الله ابن أبى بكر يكون فى قريش نَهارَهُ معهم يَسمَع ما يأتمرون به وما يقولون فى شأن رسول الله وأبى بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامرابن فهيرة مولى أبى بكر يرعى فى رُعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبى بكر فاحتلبا وذبحا فإذاعبدالله ابن أبى بكر غدا من عندهما إلى مكة اتَبَعَ عامرُ ابن فهيرة أثره حتى يُعَفّى عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذى استأجراه ببَعيريَهٌما وبعيرٍ له . (( أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين )) وأتتهما أسماء بنت أبى بكر بسُفرتهماَ ونسيت أن تَجٌعَل لها عصَاماً فلما ارتحلا ذهبت لتُعَلّق السُّفرَة فإذا ليس فيها عصام فَتَحَلُّ نطَاقَهَا فتجعله عصَاماً ثم عَلَّقَتهَا به فكان يقال لأسماء بنت أبى بكر ذَاتُ النطاقين . (( رفقاء الرسول فى هجرته من مكة إلى المدينة )) قال أسماء بنت أبى بكر فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وَجَّهَ رسولُ الله وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة رسول الله وأبوبكر الصّدّيق وعامر ابن فهيرة مولى أبى بكر وعبدالله ابن أرقَط دليلهما . (( وصول رسول الله إلى المدينة )) عن أصحاب رسول الله قالوا لما سَمعنا بمخرج رسول الله من مكة وتوكَّفنا قدومه كنا نخرج إذا صلَّينا الصبح إلى ظاهر حَرّتنا ننتظر رسول الله فوالله ما نبرحُ حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلاً دخلنا وذلك فى أيام حَارَّة حتى إذا كان اليوم الذى قدم فيه رسول الله جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا وقدم رسول الله حين دخلنا البيوت فكان أول من رأه رجلٌ من اليهود وقد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله علينا فصرخ بأعلى صوته يا بنى قيلَةَ هذا جدكم قد جاء قال فخرجنا إلى رسول الله وهو فى ظل نخله ومعه أبوبكر فى مثل سنّه وأكثرُنا لم يكن رأى رسول الله قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبى بكر حتى زال الظل عن رسول الله فقال أبو بكر فأظَلَّهُ بردائه فعرفناه عند ذلك . (( بسم الله الرحمن الرحيم * إلاَّ تَنصُرُوه فَقَد نَصَرَهُ اللهُ إذ أخرَجَهُ الذينَ كَفَرُوا ثَانىَ اثنَين إذ هُما فى الغَار إذ يَقُولُ لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل اللهُ سكينتهُ عليه وأيّدهُ بجُنُودٍ لَّم تَرَوهَا وَجَعَلَ كَلمةَ الَّذين كَفرُوا السُّفلَى وَكَلمَةٌ الله هىَ العُليَا وَاللهُ عَزيزٌ حكيم * )) صدق الله العظيم . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ الغسل وموجبات الغسل }}

الغُسل معناه تعميم البدن بالماء : وهو مشروع لقول الله " وَ إن كُنتُم جًنُباً فَاطَّهَّرُوا " . وقول الله " وَ يَسألُونَكَ عَن المحيض قُل هُوَ أذَىّ * فَاعتَزلُواالنَّسَاءَ في المَحيض * ولا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطهُرنَ * فَإذَا تَطَهَّرنَ فأتُوهُنَّ من حيثُ أَمَرَكُم اللهُ *إنَّ اللهَ يُحبُّ التوَّبين وَيُحبُّ المُتَطَهّرينَ " . (( موجبات الغسل )) يجب الغسل لأمور خمسة (1) خروج المني بشهوة في النوم أو اليقظة من ذكر أو أنثى . لحديث أبي سعيد قال قال رسول الله " الماء من الماء " . وعن أم سلمة أنّ أم سُلَيم قالت يارسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة غسل إذا احتَلَمَت ؟ قال " نعم إذا رأت الماء " . إذا خرج المني من غير شهوة بل لمرض أو برد فلا يجب الغسل . عن علي أن رسول الله قال له فإذا فضخت الماء فاغتسل " . قال مجاهد بينما نحن أصحاب ابن عباس حلق في المسجد طاووس وسعيد ابن جبير وعكرمة وابن عباس قائم يصلي إذ وقف علينا رجل فقال هل من مُفتٍ ؟ فقلنا سل فقال إني كلما بُلت تبعه الماء الدافق قلنا الذي يكون من الولد ؟ قال نعم قلنا عليك الغسل قال فولىَّ الرجل وهو يرجّع قال وعجّل ابن عباس صلاته ثم قال لعكرمة علي بالرجل وأقبل علينا فقال أرأيتم ما أفتيتم به هذا الرجل عن كتاب الله ؟ قلنا لا قال فعن رسول الله ؟ قلنا لا قال فعن أصحاب رسول الله ؟ قلنا لا قال فعمَّه ؟ قلنا عن رأينا قال فلذلك قال رسول الله " فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " قال " وجاء الرجلُ فأقبل عليه ابن عباس فقال أرأيت إذا كان ذلك منك أتجد شهوة في قُبلك ؟ قال لا قال فهل تجد خَدَراً في جسدك ؟ قال لا قال إنما هذه إبردة يجزيك منها الوضوء " . غذا احتلم ولم يجد منيَّاً فلا غسل عليه . قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم وفي حديث أم سليم المتقدم فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ قال " نعم إذا رأت الماء " ما يدل على أنها لم تره فلا غسل عليها لكن إذا خرج بعد الاستيقاظ وجب عليها الغسل . إذا انتبه من النوم فوجد بللاً ولم يذكر احتلاماً فإن تيقن أنه مني فعليه الغسل لأن الظاهر أن خروجه كان لاحتلام نسيه فإن شك ولم يعلم هل هو أو غيره فعليه الغسل احتياطاً . وقال مجاهد وقتادة لا غسل عليه حتى يوقن بالماء الدافق لأن اليقين بقاء الطهارة فلا يزول بالشك . أحسَّ بإنتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل عليه . أن رسول الله علق الاغتسال على رؤية الماء فلا يثبت الحكم بدونه لكن إن مشى فخرج المني فعليه الغسل . رأى في ثوبه منياً لا يعلم وقت حصوله وكان قد صلى يلزمه إعادة الصلاة من آخر نومة له إلا أن يرى ما يدل على أنه قبلها فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها . (2) يجب الغسل عند التقاء الختانين . أي تغيب الحشفة في الفلرج وإن لم يحصل إنزال . لقول الله " وَإن كُنتُم جُنُباً فَاطَّهَّرُوا " . قال المذهب الشافعي كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال قال فإن من خوطب بأن فلاناً أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل . ولم يختلف أحد أن الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع ولولم يكن منه إنزال . لحديث أبي هريرة أن رسول الله قال " إذا جلس بين شعبها الآربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل أنزل أم لم ينزل " . عن سعيد ابن المسيب أن أبا موسى الآشعري قال لعائشة إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي منك فقالت سل ولا تستحي فإنما أنا أمك فسألها عن الرجل يغشى ولا ينزل فقالت عن رسول الله إذا أصاب الختان فقد وجب الغسل " . ولابد من الإيلاج بالفعل أما مجرد المس من غير إيلاج فلا غسل على واحد منهما إجماعاً . (3) يجب الغسل عند انقطاع الحيض والنفاس . لقول الله " وَلا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطهرن فَإذا تَطَهَّرنَ فَأتُوهُنَ من حَيثُ أَمَرَكُم اللهُ " . ولقول رسول الله لفاطمة بنت أبي حبيش " دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها اغتسلي وصلي " . وهذا وإن كان وارداً في الحيض إلا أن النفاس كالحيض بإجماع الصحابة فإن ولدت ولم ير الدم فقيل عليها الغسل وقيل لا غسل عليها ولم يرد نص في ذلك . (4) الموت . إذا مات المسلم وجب تغسيله إجماعاً . (5) يجب غسل الكافر إذا أسلم . إذا أسلم الكافر يجب عليه الغسل . لحديث أبي هريرة أن ثمامة الحنفي أسر وكان رسول الله يغدو إليه فيقول ما عند ياثمامة ؟ فيقول إن تقتل تقتل ذا دم وإن تمنن تمنن على شاكر وإن ترد المال نعطك منه ما شئت وكان أصحاب رسول الله يحبون الفداء ويقولون ما نصنع بقتل هذا ؟ فمر عليه رسول الله فأسلم فحلهَّ وبعث به إلى حائط أبي طلحة وأمره أن يغتسل فاغتسل وصلى ركعتين فقال رسول الله " لقد حسن إسلام أخيكم " . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

{{ يحرم على الجنب الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله وقراءة القرآن }}

 يحرم على الجنب الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله . وحرمتهما متفق عليها بين الأئمة ولم يخالف في ذلك أحد من الصحابة وجوَّز ابن حزم للجنب مَسّ المصحف وحمله ولم يريا بهما بأساً استدلالاً بما جاء في الصحيحين أن رسول الله بعث إلى هرقل كتاباً " بسم الله الرحمن الرحيم " . . إلى أن قال " يَا أَهل الكتَاب تَعَالَوا إلَّى كَلمَةٍ سوَاءٍ بَينَنَا وَ بَينَكُم أَلاَّ نَعبُدَ إلاَّ الله وَلاَ نُشركَ به شَيئاً وَلاَ يَتَخذَ بَعضُنَا بَعضاً أربَباً من دُون الله فَإن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بأنّا مُسلمُون " .قال ابن حزم  فهذا رسول الله بعث كتاباً وفيه هذه الآية إلى النصارى وقد أيقن أنهم يمسون هذا الكتاب وأجاب الجمهور عن هذا بأن هذه رسالة ولامانع من مس ما اشتملت عليه من آيات من القرآن كالرسائل وكتب التفسير والفقه وغيرها فإن هذه لا تسمى مصحفاً ولا تثبت لها حرمته . (( يحرم على الجنب قراءة القرآن )) يحرم على الجنب أن يقرأ شيئاً من القرآن عند جمهور العلماء . لحديث علي أن رسول الله كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة " . عن علي قال رأيت رسول الله توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن ثم قال " هكذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا ولا آية " . يجوز القراءة للجنب .  لابأس أن تقرأ الحائض الآية " ولم يرابن عباس بالقراءة للجنب بأساً وكان رسول الله يذكر الله على كل أحيانه .                  (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

{{ يحرم على الجنب أن يمكث في المسجد }}

 يحرم على الجنب أن يمكث في المسجد . عن عائشة قالت جاء رسول الله ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال" وجّهوا هذه البيوت عن المسجد ثم دخل رسول الله ولم يصنع القوم شيئاً رجاء أن ينزل فيهم رخصة فخرج إليهم فقال " وجّهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب " . عن أم سلمة قالت دخل رسول الله  صرحة هذا المسجد فنادي بأعلى صوته " إن المسجد لا يحل لحائض ولا لجنب " . والحديثان يدلان على عدم حل اللبث في المسجد والمكث فيه للحائض والجنب لكن يرخص لهما اجتيازه لقول الله " يَأَ يُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَقرَبُواالصَّلاة وَأَنتُم سُكَارَى حَتى تَعلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إلاَّ عَابري سَبيلٍ حَتَّى تَغتَسلُوا " . عن جابر قال " كان أحدنا يمر في المسجد جُنُباً مجتازاً " . عن زيد ابن أسلم قال كان أصحاب رسول الله يمشون في المسجد وهم جنب " . عن يزيد ابن حبيب أن رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم إلى المسجد فكانت تصيبهم جنابة فلا يجدون الماء ولا طريق إليه إلا من المسجد فأنزل الله " وَلا جُنُباً إلا عَابري سَبيل " . عن عائشة قالت قال لي رسول الله " ناوليني الخمرُة من المسجد فقالت إني حائض فقال إن حيضتك ليست في يدك " . عن ميمونة قالت " كان رسول الله يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض " .                                         (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

الجمعة، 25 نوفمبر 2011

{{ من الأغسال المستحبة غسل الجمعة }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . من الأغسال المستحبة التي يمدح المكلف على فعلها ويثاب وإذا تركها لا لوم عليه ولا عقاب غسل الجمعة . لما كان يوم الجمعة يوم اجتماع للعبادة والصلاة أمر الشارع بالغسل وأكده ليكون المسلمون في اجتماعهم على أحسن حال من النظافة والتطهر . عن أبي سعيد أن رسول الله قال " غُسلُ الجمعة واجب على كل مُحتَلم وأن يمسَّ من الطيب ما يقدرُ عليه " . المراد بالمحتلم البالغ والمراد بالوجوب تأكيد استحبابه . عن ابن عمر " أن عمر ابن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب رسول الله وهو عثمان فناداه عمر أية ساعة هذه ؟ قال إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت فقال والوضوء أيضاً وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل ؟ " . قال الشافعي فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل ولم يأمر بالخروج للغسل دل ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار ويدل على استحباب الغسل أيضاً . أن رسول الله قال " من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصَتَ غفرله ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام " . الاستدلال بهذا الحديث عن الاستحباب ذكرُ الوضوء وما معه مرتباً عليه الثواب المقتضى للصحة يدل على أن الوضوء كاف . هذا الحديث من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل للجمعة والقول بالاستحباب بناء على أن ترك الاغتسال لا يترتب عليه حصول ضرر فإن ترتب على تركه أذى الناس بالعرق والرائحة الكريهة ونحوذلك مما يسيء كان الغسل واجباً وتركه محرماً . وجوب الغسل للجمعة وإن لم يحصل أذى بتركه . أن رسول الله قال " حقٌّ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده " . ووقت الغسل يمتد من طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة وإن كان المستحب أن يتصل الغسل بالذهاب لصلاة الجمعة وإذا أحدث بعد الغسل يكفيه الوضوء . فمن اغتسل بعد صلاة الجمعة لا يكون غسلاً للجمعة ولا يعتبر فاعله آتياً بما أُ به . عن ابن عمر أن رسول الله قال " إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل " . وفي رواية " إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ من الأغسال المستحبة غسل من غسّل ميتاً }}

 من الأغسال المستحبة التي يمدح المكلف على فعلها ويثاب  غسل من غسّل ميتاً يستحب لمن غسل ميتاً أن يغتسل  : عن أبي هريرة أن رسول الله قال " من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ " . الأمر في الحديث محمول على الندب . عن ابن عمر قال كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل . لما غسلت أسماء بنت عُمَيسٍ زوجها أبا بكر الصديق حين تُوفي خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت إن هذا يوم شديد البرد وأنا صائمة فهل علي من غسل ؟ قالوا لا .           (( آخردعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

{{ الأغسال المستحبة غسل الإحرام غسل دخول مكة غسل الوقوف بعرفة غسل العيدين }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . من الأغسال المستحبة غسل الإحرام . يندب الغسل لمن أراد أن يحرم بحج أو عمرة . عن زيد ابن ثابت " أنه رأى رسول الله تجرَّد لإهلاله واغتسل " . (( غسل دخول مكة )) يستحب لمن أراد دخول مكة أن يغتسل . عن ابن عمر " أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طَوَى حتى يصبح ثم يدخل مكة نهاراً " . ويذكر عن رسول الله أنه فعله . الإغتسال عند دخول مكة مستحب ، وليس في تركه فدية . ويجزي عنه الوضوء . (( غسل الوقوف بعرفة )) يندب الغسل لمن أراد الوقوف بعرفة للحج . " أن عبد الله ابن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم وكان يغتسل لدخول مكة وكان يغتسل للوقوف عشية عرفة " . (( غسل العيدين ))  يستحب الغسل للعيدين . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الخميس، 24 نوفمبر 2011

{{ أركان الغسل }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . لاتتم حقيقة الغسل المشروع إلا بأمرين (1) من أركان الغسل النية . إذ هي المميزة للعبادة وليست النية إلا عملاً قلبياً محضاً وأما ما درج عليه كثير من الناس واعتادوه من التلفظ بها فهو محدث غير مشروع ينبغي هجره والإعراض عنه . (2) من أركان الغسل غسل جميع الأعضاء . قال الله " وإن كُنُتُم جُنُباً فَاطَّهَّرُوا " أي اغتسلوا ، قال الله " يَسِِِأَلُونَكَ عَن المَحيض قُل هُو أذىً فَا عتَز لُوا النّسَاءَ في المَحيض وَلا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطهُرن " أي يغتسلن . والدليل على أن المراد بالتطهر الغسل ما جاء صريحاً في قول الله " يَأَيَّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَقرَبُوا الصَّلاة وَأَنتُم سُكارى حَتَّى تَعلَمُوا مَا تَقُولُون * وَلا جُنُباً إلاَّ عَابري سَبيل حَتَّى تَغتَسلُوا " . وحقيقة الاغتسال غسل جميع الأعضاء . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ غسل المرأة }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . غسل المرأة كغسل الرجل إلا إن المرأة لا يجب عليها أن تنقض ضفيرتها إن وصل الماء إلى أصل الشعر . عن أم سلمة أن امرأة قالت يارسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة ؟ قال " إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تُفضي على سائر جسدك فإذا أنت قد طهرت " . عن عُبيد ابن عمير قال " بلغ عائشة أن عبد الله ابن عمر يأمر النساء إذا اغتسلن بنقض رؤوسهن فقالت ياعجبا لابن عمر يأمر النساء إذا اغتسلن بنقض رؤوسهن أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن ؟ لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد وما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات " . ويستحب للمرأة إذا اغتسلت من حيض أو نفاس أن تأخذ قطعة من قطن ونحوه وتضيف إليها مسكاً أو طيباً ثم تتبع بها أثر الدم لتطيب المحل وتدفع عنه رائحة الدم الكريهة . عن عائشة أن أسماء بنت يزيد سألت رسول الله عن غسل المحيض قال " تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى يبلغ شئون رأسها ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسَّكة فتطهر بها " قالت أسماء وكيف تطهر بها ؟ قال " سبحان الله ! تطهري بها " فقالت عائشة كأنها تخفي ذلك تتبعي أثر الدم وسألته عن غسل الجنابة فقال " تأخذي ماءك فتطهرين فتحسنين الطَّهور أو أبلغي الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى يبلغ شئون رأسها ثم تفيض عليها الماء " فقالت عائشة " نعمَّ النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ سنن الغسل }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . يسن للمغتسل مراعاةُ فعل رسول الله في غسله فيبدأ (1) بغسل يديه ثلاثاً (2) ثم يغسل فرجه (3) ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً كالوضوء للصلاة وله تأخير غسل رجليه إلى أن يتم غسله إذا كان يغتسل في طست ونحوه (4) ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً مع تخليل الشعر ليصل الماء إلى أصوله (5) ثم يُفيض الماء على سائر البدن بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر مع تعاهد الإبطين وداخل الأذنين والسُّرة وأصابع الرجلين ودلك ما يمكن دلكه من البدن . عن عائشة " أن رسول الله كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذُ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشَّعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حثيات ثم أفاض على سائر جسده " . وفي رواية " ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه أروي بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات " . عن عائشة قالت " كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بشقّ رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفه فقلبهما على رأسه " . عن ميمونة قالت " وضعت لرسول الله ماء يغتسل به فأفرغ على يديه فغسلها مرتين أو ثلاثاً ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ثم ذلك يده بالأرض ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثلاثاً ثم أفرغ على جسده ثم تنحىّ من مقامه فغسل قدميه قالت فأتيته بخرقة فلم يًردها وجعل ينفض الماء بيده " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ مسائل تتعلق بالغسل }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . مسائل تتعلق بالغسل (1) يجزيء غُسل واحد عن حيض وجنابة أو عن جمعة وعيد أو عن جنابة وجمعة إذا نوى الكل . لقول رسول الله " وإنما لكل امريء ما نوى " . (2) إذا اغتسل من الجنابة ولم يكن قد توضأ يقوم الغسل عن الوضوء . قالت عائشة " كان رسول الله لا يتوضأ بعد الغسل . عن ابن عمر أنه قال لرجل قال له إني أتوضأ بعد الغسل فقال له لقد تغمقت وقال أبو بكر ابن العربي لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث وتقضي عليها لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث فدخل الأقل في نية الأكثر وأجزأت نية الأكبر عنه . (3) يجوز للجنب والحائض إزالة الشعر وقص الظفر والخروج إلى السوق وغيره من غير كراهية . " يحتجم الجنب ويقلم أظافره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ " . (4) لا بأس بدخول الحمام إن سلم الداخل من النظر إلى العورات وسلم من نظر الناس إلى عورته . قال رسول الله " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة " ذكر الله في الحمام لا حرج فيه فإن ذكر الله في كل حال حسن مالم يرد ما يمنع وكان رسول الله يذكر الله على كل أحيانه . (5) لابأس بتنشيف الأعضاء بمنديل ونحوه في الغسل والوضوء صيفاً وشتاءً . (6) يجوز للرجل أن يغتسل ببقية الماء الذي اغتسلت منه المرأة وكذلك يجوز للمرأة أن تغتسل ببقية الماء الذي اغتسل منه الرجل كما يجوز لهما أن يغتسلا معاً من إناء واحد . اغتسل بعض أزواج رسول الله في جفنة فجاء رسول الله ليتوضأ منها أو يغتسل فقالت له يا رسول الله إني كنت جنباً فقال " إن الماء لا يجنب " . كانت عائشة تغتسل مع رسول الله من إناء واحد فيبادرها وتبادره حتى يقول لها دعي لي وتقول له دع لي . (7) لا يجوز الاغتسال عرياناً بين الناس لأن كشف العورة محرم فإن استتر بثوب ونحوه فلا بأس فقد كان رسول الله تستره فاطمة بثوب ويغتسل . أما لو اغتسل عرياناً بعيداً عن أعين الناس فلا مانع منه فقد اغتسل موسى عليه السلام عرياناً . عن رسول الله قال " بينما أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً فخر عليه جراب من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه الله ياأيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال بلى وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ المسح على الخفين }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . (1) دليل مشروعية المسح على الخفين . ثبت المسح على الخفين بالسُّنة الصحيحة عن رسول الله . أجمع ما يعتد به في الإجناع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر سواء كان لحاجة أو غيرها حتى للمرأة الملازمة والزَّمن الذي لا يمشي وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يعتد بخلافهم . وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر وجمع بعضهم رواته فجاوزواالثمانين منهم العشرة . عن همام النخعي قال " بال جريرابن عبدالله ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل تفعل هذا وقد بلت ؟ قال نعم رأيت رسول الله بال ثم توضأ ومسح على خفيه " . أن إسلام جرير كان بعد نزول سورة المائدة أي أن جريراً أسلم في السنة العاشرة بعد نزول آية الوضوء التي تفيد وجوب غسل الرجلين فيكون حديثه مبيناً أي المراد بالآية إيجاب الغسل لغير صاحب الخف وأما صاحب الخف ففرضه المسح فتكون السنة مخصصة للآية . (2) مشروعية المسح على الجوربين . يجوز المسح على الجوربين  وصريح القياس فإنه لا يظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه والمسح عليهما قول أكثر أهل العلم . عن المغيرة ابن شعبة أن رسول الله توضأ ومسح على الجوربين والنعلين " . والمسح على الجوربين كان هو المقصود وجاء المسح على النعلين تبعاً . وكما يجوز المسح على الجوربين يجوز المسح على كل ما يستر الرجلين كاللفائف ونحوها وهي ما يلف على الرجل من البرد أوخوف الحفاء أو الجراح بهما ونحو ذلك .  والصواب أنه يمسح على اللفئف وهي بالمسح أولى من الخف والجورب فإن اللفئف إنما تستعمل للحاجة في العادة وفي نزعها ضرر إما إصابة البرد وإما التأذي بالحفاء وإما التأذي بالجرح فإذا جاز المسح على الخفين والجوربين فعلى اللفائف بطريق الأولى ومن ادعى في شيء من ذلك إجماعاً فليس معه إلا عدم العلم ولا يمكنه أن ينقل المنع عن عشرة من العلماء المشهورين فضلاً عن الإجماع . فمن تدبر ألفاظ رسول الله وأعطى القياس حقه علم أن الرخصة منه في هذا الباب واسعة وأن ذلك من محاسن الشريعة ومن الحنيفية السمحة التي بعث بها رسول الله . وإذا كان بالخف أو الجورب خروق فلا بأس بالمسح عليه مادام يلبس في العادة . كانت خفاف المهاجرين والأنصار لا تسلم من الخروق كخفاف الناس فلو كان في ذلك حظر لورد ونقل عنهم . (3) شروط المسح على الخف وما في معناه . يشترط لجواز المسح أن يلبس الخف وما في معناه من كل ساتر على وضوء . عن المغيرة ابن شعبة قال كنت مع رسول الله ذات ليلة في مسيرة فأفرغت عليه من الإداوة فغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه فقال " دعهما فإني أدخاتهما طاهرتين " فمسح عليهما " . وروي الحميديُّ في مسنده عن المغيرة ابن شعبة قال قلنا يارسول الله أيمسح أحدنا على الخفين ؟ قال " نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان " وما اشترطه بعض الفقهاء من أن الخف لابد أن يكون ساتراً لمحل الفرض وأن يثبت بنفسه من غير شد مع إمكان متابعة المشي فيه . (4) محل المسح . المحل المشروع في المسح ظهر الخف . عن المغيرة ابن شعبة  قال " رأيت رسول الله يمسح على ظاهر الخفين " . عن علي قال " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه لقد رأيت رسول الله يمسح على ظاهر خفيه " . والواجب في المسح ما يطلق عليه اسم المسح لغة من غير تحديد . (5) توقيت المسح . مدة المسح على الخفين للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها . قال صفوان ابن عسّال " أمرنا رسول الله أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثاً إذا سافرنا ويوماً وليلة إذا أقمنا " ولا نخلعهما إلا من جنابة . عن شريح ابن هاني قال سألتُ عائشة عن المسح على الخفين فقالت سل علياً  فإنه أعلم بهذا مني كان يسافر مع رسول الله فسألته فقال قال رسول الله " للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة " . والمختار أن ابتداء المدة من وقت المسح وقيل من وقت الحدث بعد اللبس . (6) صفة المسح . والمتوضيء بعد أن يتم الوضوء ويلبس الخف أو الجورب يصح له المسح عليه كلما أراد الوضوء بدلاً من غسل رجليه يرخص له في ذلك يوماً وليلة إذا كان مقيماً وثلاثة أيام ولياليها إن كان مسافراً إلا إذا أجنب فإنه يجب عليه نزعه . (7) ما يبطل المسح . يبطل المسح على الخفين (1) انقضاء المدة . (2)  الجنابة . (3) نزع الخف . فإذا انقضت المدة أو نزع الخف وكان متوضئاً قبل غسل رجليه فقط . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

{{ ما لا ينقض الوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . ليس بناقض للوضوء (1) لمس المرأة بدون حائل . عن عائشة أن رسول الله قَبَّلها وهو صائم وقال " القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم " . عن عائشة قالت فقدت رسول الله ذات ليلة من الفراش فالتمسته فوضعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " . عن عائشة أن رسول الله قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ " . عن عائشة قالت " كنت أنام بين يدي رسول الله ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي " فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي " . (2) ليس بناقص للوضوء خروج الدم من غير المخرج المعتاد سواء كان بجرح أو حجامة أورعاف وسواء كان قليلاً أوكثيراً . صليَّ عمر ابن الخطاب وجرحه يَثّعبُ دماً . قال الحسن " مازال المسلمون يصلون في جراحاتهم " . وقد أُصيب عبّاد ابن بشّر بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته " . بصق ابن أوفى دماً ومضى في صلاته . عصر ابن عمر بثرة وخرج منها الدم فلم يتوضأ . (3) ليس بناقض للوضوء القيء سواء كان ملء الفم أودونه ولم يرد في نقضه حديث يحتج به . (4) ليس بناقض للوضوء أكل لحم الإبل . وهو رأي الخلفاء الراشدين الأربعة وكثير من الصحابة والتابعين إلا أنه صح الحديث بالأمر بالوضوء منه . أن رجلاً سأل رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال " إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ " قال أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال " نعم توضأ من لحوم الإبل " قال أًصلي في مرابض الغنم ؟ قال " نعم " قال أًصلي في مبارك الإبل ؟ قال " لآ " . عن البراء ابن عازب قال سئل رسول الله  عن الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال " توضئوا منها " وسئل عن لحوم الغنم ؟ فقال " لا تتوضئوا منها " وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل ؟ فقال " لا تصلوا فيها فإنها من الشياطين " وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم ؟ فقال " صلوا فيها فإنها بركةٌ " . (5) ليس بناقض للوضوء شك المتوضيء في الحدث . إذا شك المتوضيء هل أحدث أم لا لا يضره الشك ولا ينتقض وضوءه سواء كان في الصلاة أو خارجها حتى يتيقن أنه أحدث . عن عباد ابن تميم عن عمه قال شكى إلى رسول الله الرجل يخيّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ قال " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " . عن أبي هريرة عن رسول الله قال " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " . إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه أما إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فإنه يلزمه الوضوء . وليس المراد خصوص سماع الصوت ووجدان الريح بل العمدة اليقين بأنه خرج منه شيء . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ فوائد يحتاج المتوضيء إليها }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . (1) الكلام المباح أثناء الوضوء مباح ولم يرد في السُّنة ما يدل على منعه . (2) الدعاء أثناء الوضوء اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي . الدعاء بعد الوضوء قال رسول الله من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رقّ ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة . " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرّين " . (3) لو شك المتوضيء في عدد الغسّلاتيبني على اليقين وهو الأقل . (4) وجود الحائل مثل الشمع على أي عضو من أعضاء الوضوء يبطله أما اللون وحده كالخضاب بالحناء فإنه لا يؤثر في صحة الوضوء لأنه لا يحول بين البشرة وبين وصول الماء إليها . (5) المستحاضة ومن به سلس بول أو انفلات ريح أو غير ذلك من الأعذار يتوضئون لكل صلاة إذا كان العذر يستغرق جميع الوقت أو كان لا يمكن ضبطه وتعتبر صلاتهم صحيحة مع قيام العذر . (6) يجوز الاستعانة بالغير في الوضوء . (7) يباح للمتوضيء أن ينشف أعضاءه بمنديل ونحوه صيفاً وشتاءً . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ ما يستحب للوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . يستحب الوضوء (1) عند ذكر الله . عن المهاجر ابن قنفذ " أنه سلم على رسول الله وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ فردَّ عليه وقال إنه لم يمنعني أن أردَّ عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة " قال قتادة " فكان الحسن من أجل هذا يكره أن يقرأ أو يذكر الله حتى يطهر " . عن أبي جهيم ابن الحارث قال " أقبل رسول الله من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى أقبل على جدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام " . وهذا على سبيل الأفضلية والندب وإلا فذكر الله يجوز للمتطهر والمحدث والجنب والقائم والقاعد والماشي والمضطجع بدون كراهة . عن عائشة قالت " كان رسول الله يذكر الله على كل أحيانه " . وعن علي كرم الله وجهه قال " كان رسول الله يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة " . (2) يستحب الوضوء عند النوم . عن البراء ابن عازب قال قال رسول الله " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيّك الذي أرسلت فإن متّ من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به " قال فردّدتها على رسول الله فلما بلغت " اللهم أمنت بكتابك الذي أنزلت " قلت ورسولك قال " لا ونبيك الذي أرسلت " . ويتأكد ذلك في حق الجُنب لما رواه ابن عمرقال يارسول الله أينام أحدنا جنباً ؟ قال " نعم إذا توضأ " وعن عائشة قالت " كان رسول الله إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة " . (3) يستحب الوضوء للجنب . " إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يعاود الجماع . عن عائشة قالت " كان رسول الله إذا كان جنباً فأراد أن يأكل أو ينام توضأ " . عن عمار ابن ياسر " أن رسول الله رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة " . عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال " إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود  فليتوضأ " فإنه أنشط للعود " . (4) يندب الوضوء قبل الغسل سواء كان واجباً أو مستحباً . عن عائشة قالت " كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة " . (5) يندب الوضوء من أكل ما مسته النار . عن إبراهيم ابن عبد الله ابن قارظ قال مررت بأبي هريرة وهو يتوضأ فقال أتدري مم أتوضأ ؟ من أثوار أقط أكلتها لأني سمعت رسول الله يقول " توضأوا مما مست النار " . عن عائشة عن رسول الله قال " توضأوا مما مست النار " . عن عمرو ابن أمية الضمري قال " رأيت رسول الله يحتز من كتف شاة فأكل منها فدعي إلى الصلاة فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ " . (6) تجديد الوضوء لكل صلاة . عن بريدة قال " كان رسول الله يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يون الفتح توضأ ومسح على خًفَّيه وصلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر يارسول الله إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله ! فقال" عمداً فعلته يا عمر " . كان أنس ابن مالك يقول " كان رسول الله يتوضأ عند كل صلاة قال قلت فأنتم كيف كنتم تصنعون ؟ قال كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد مالم نحدث " . عن أبي هريرة أن رسول الله قال " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك " . عن ابن عمر قال كان رسول الله يقول " من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

{{ موجبات الوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . يجب الوضوء لأمور ثلاثة (1) الصلاة مطلقاً فرضاً أو نفلاً ولو صلاة جنازة . قال الله " يأيُّها الّذين آمنُوا إذا قُمتُم إلى الصّلاة فاغسلًوا وُ جُوهكُم وأيديكُم إلى المرافق وامسحُوا برُءوسكُم وأرجُلكُم إلى الكعبين " . أي إذا أرتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلوا . وقول رسول الله " لا يقبل الله صصلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول " . (2) الطواف بالبيت . عن ابن عباس أن رسول الله قال " الطواف صلاة إلا أن الله أحلّ فيه الكلام فمن تكلّم فلا يتكلم إلا بخير " . (3) مس المصحف . أن رسول الله كتب إلى أهل اليمن كتاباً وكان فيه " لا يمس القرآن إلا طاهر " . فالحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهراً ولكن " الطاهر " لفظ مشترك يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر والطاهر من الحدث الأصغر ويطلق على المؤمن وعلى من ليس على بدنه نجاسة ولابد لحمله على معين من قرينة فلا يكون الحدث نصاً في منع المحدث حدثاً أصغر من مس المصحف وأما قول الله " لا يمسُّهُ إلا المُطّهرُون " فالظاهر رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون وهو اللوح المحفوظ لأنه الأقرب والمطهرون الملائكة فهو كقول الله " في صُّحُفٍ مُكرَّمَة مَرفُوعَةٍ مُطَهَّرَة بأيدي سَفَرَة كرَامٍ بَرَرَة " . يجوز للمحدث حدثاً أصغر مس المصحف وأما القراءة له بدون مس فهي جائزة اتفاقاً . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ نواقض الوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . للوضوء نواقض تبطله وتخرجه عن إفادة المقصود منه وهي (1) كل ما خرج من السبيلين " القُبلُ والدبر " ويشمل البول والغائط . قال الله " أو جاء أحدكم من الغائط " وهو كناية عن قضاء الحاجة من بول وغائط . ريح الدُّبر . عن أبي هريرة قال قال رسول الله " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " فقال رجل من حضرموت ما الحدث يا أباهريرة ؟ قال فساء أو ضراط " . قال رسول الله " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " . وليس السمع أو وجدان الرائحة شرطاً في ذلك بل المراد حصول اليقين بخروج شيء منه . المني والمذي والودي . لقول رسول الله في المذي " فيه الوضوء " أما المني فهو الذي منه الغسل وأما المذي والودي فقال " أغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك للصلاة " . (2) من نواقض الوضوء النوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك مع عدم تمكن المقعدة من الأرض . عن صفوان ابن عسّال قال " كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهنّ إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم " . فإذا كان النائم جالساً ممكناً مقعدته من الأرض لا ينتقض وضوءه . كان أصحاب رسول الله ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون " . (3) من نواقض الوضوء زوال العقل سواء كان بالجنون أو بالإغماء أو بالسكر أو بالدواء وسواء قل أو كثر وسواء كانت المقعدة ممكنة من الأرض أم لا لأن الذهول عند هذه الأسباب أبلغ من النوم . (4) من نواقض الوضوء مس الفرج بدون حائل . عن يسرة بنت صفوان أن رسول الله قال " من مسّ ذكره فلا يصلّ حتى يتوضأ " . وفي رواية عن يسرة أنها سمعت رسول الله يقول " ويتوضأ من مسّ الذكر " وهذا يشمل ذكره نفسه وذكر غيره . أن رسول الله قال " من أفضى بيده إلى ذكر ليس دونه ستر فقد وجب عليه الضوء " . أيما رجل مسّ فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مسّت فرجها فلتتوضأ " . ويرى مذهب الأحناف أن مسّ الذكر لا ينقض الوضوء . أن رجلاً سأل رسول الله عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء ؟ فقال لا إنما هو بضعة منك " . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

{{ سنن الوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . سنن الوضوء أي ماثبت عن رسول الله من قول أو فعل من غير لزوم ولا إنكار على من تركها .وهي (1) التسمية في أول الوضوء . (2) السواك من سنن الوضوء ويطلق على العود الذي يستاك به وعلى الاستياك نفسه وهو ذلك الأسنان بذلك العود أو نحوه من كل خشن تنظف به الأسنان وخير ما يستاك به عود الأراك الذي يؤتى به من الحجاز لأن من خواصه أن يشد اللثه ويحول دون مرض الأسنان ويقوي على الهضم ويدر البول وإن كانت السنة تحصل بكل ما يزيل صفرة الأسنان وينظف الفم كالفرشاة ونحوها . أن رسول الله قال " لولا أن أشقٌ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء " . عن عائشة أن رسول الله قال " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " . وهو مستحب في جميع الأوقات ولكن في خمسة أوقات أشد استحباباً (1) عند الوضوء (2) عند الصلاة (3) عند قراءة القرآن (4) عند الاستيقاظ من النوم (5) عند تغير الفم . والصائم والمفطر في استعماله أول النهار وآخره سواء . عن عامر ابن ربيعة قال " رأيت رسول الله مالاأحصي يتسوك وهو صائم " . وإذااستعمل السواك فالسنة غسله بعد الاستعمال تنظيفاً له . عن عائشة قالت " كان رسول الله يستاك فيعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه " . ويستن لمن لا أسنان له أن يستاك بأصبعه . عن عائشة قالت يارسول الله الرجل الذي يذهب فوه أيستاك ؟ قال نعم قلت كيف يصنع ؟ قال رسول الله يدخل أُصبعه في فيه " . (3) غسل الكفين ثلاثاً في أول الوضوء . عن أوس ابن أوس الثقفي قال " رأيت رسول الله توضأ فاستوكف ثلاثاً " . أن رسول الله قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في إناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده " . (4) المضمضة ثلاثاً . عن لقيط ابن صبرة أن رسول الله قال " إذا توضأت فمضمض " (5) الاستنشاق والاستنثار ثلاثاً . أن رسول الله قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر " . والسنة أن يكون الاستنشاق باليمنى والاستنثار باليسرى . لحديث علي " أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى ففعل هذا ثلاثاً ثم قال " هذا طهور رسول الله " وتتحقق المضمضة والاستنشاق إذا وصل الماء إلى الفم والأنف بأي صفة إلا أن الصحيح الثابت عن رسول الله أنه كان يصل بينهما . أن رسول الله تمضمض واستنثر بثلاث غرفات " . ويسن المبالغة فيهما لغير الصائم . عن لقيط قال قلت يارسول الله أخبرني عن الوضوء قال " أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً " . (6) تخليل اللحية . عن أنس أن رسول الله كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به وقال " هكذا أمرني ربي عز وجل " . (7) تخليل الأصابع . عن ابن عباس أن رسول الله قال " إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك " . عن المستورد ابن شداد قال رأيت رسول الله يخلل أصابع رجليه بخنصره " . (8) تثليث الغسل . وهو السنة التي جرى عليها العمل غالباً وما ورد مخالفاً لها فهو لبيان الجواز . جاء أعرابي إلى رسول الله يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثاً ثلاثاً وقال " هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم " . وصح أن رسول الله توضأ مرة مرة ومرتين مرتين أما مسح الرأس مرة واحدة فهو الأكثر رواية . (9) التيامن . أي البدء بغسل اليمين قبل غسل اليسار من اليدين والرجلين . عن عائشة قال " كان رسول الله يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله " . أن رسول الله قال " إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم " . (10) الدلك وهو إمرار اليد على العضو مع الماء أو بعده . عن عبد الله ابن زيد " أن رسول الله أتى بثلث مد فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه " . أن رسول الله توضأ فجعل يقول هكذا يدلك " . (11) الموالاة أي تتابع غسل الأعضاء بعضها إثر بعض " بألا يقطع المتوضيء وضوءه بعمل أجنبي يعد في العرف انصرفاً عنه وعلى هذا مضت الُنة وعليها عمل المسلمون سلفاً وخلفاً . (12) مسح الأذنين .والسُّنة مسح باطنهما بالسبّابتين وظاهرهما بالإبهامين بماء الرأس لأنهما منه . عن المقدام ابن معد يكرب " أن رسول الله مسح في وضوئه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وأدخل أصبعيه في صماخي أذنيه " . عن ابن عباس في وصه وضوء رسول الله " ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة " وفي رواية " مسح رأسه وأذنيه وباطنهما بالمسبحتين وظاهرهما بإبهاميه " . (13) إطالة الغرة والتحجيل . أما إطالة الغرة فبأن يغسل جزءاً من مقدم الرأس زائداً عن المفروض في غسل الوجه وأما إطالة التحجيل فبأن يغسل ما فوق المرفقين والكعبين . أن رسول الله قال " إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء " قال أبو هريرة فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " . عن أبي زرعة " أن أباهريرة دعل بوضوء فتوضأ وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفقين فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين فقلت ماهذا ؟ فقال هذا مبلغ الحلية " . (14) الاقتصاد في الماء وإن كان الاغتراف من البحر . عن أنس قال " كان رسول الله يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد " . عن عبيد الله ابن أبي يزيد أن رجلاً قال لابن عباس " كم يكفيني من الوضوء ؟ قال مد قال كم يكفيني للغسل ؟ قال صاع فقال الرجل لا يكفيني فقال ابن عباس لا أم لك قد كفى من هو خير منك رسول الله " . عن عبد الله ابن عمر أن رسول الله مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف يا سعد ؟ فقال وهل في الماء من سرف ؟ قال " نعم وإن كنت على نهر جار " . (15) الدعاء أثناء الوضوء . عن أبي موسى الأشعري قال أتيت رسول الله بوضوء فتوضأ فسمعته يدعو يقول " اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي " فقلت يارسول الله سمعتك تدعو بكذا وكذا قال " وهل تركن من شيء " ؟ . (16) الدعاء بعد الوضوء . عن عمر قال قال رسول الله " مامنكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " . عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله " من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رقٌ ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة " . وفي رواية " ختم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تُكسر إلى يوم القيامة " وصوّب وقفه . وأما دعاء " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " فهي في رواية الترمذي . (17) صلاة ركعتين بعد الوضوء . أن رسول الله قال لبلال " يابلال حدّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام إني سمعتُ ذُف نعليك بين يديّ في الجنة قال ما عملت عملاٌ أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كُتب لي أن أصلي " . عن عقبة ابن عامر قال قال رسول الله " ما أحدٌ يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة " . (( مكروهات الوضوء )) يكره للمتوضيء أن يترك سُنة من السنن المتقدم ذكرها حتى لا يحرم ثوابها لأن فعل المكروه يوجب حرمان الثواب وتتحقق الكراهية بترك السُّنة . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ فرائض الوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . للوضوء فرائض وأركان تترتب منها حقيقته إذا تخلف فرض منها لا يتحقق ولا يعتد به شرعاً (1) الفرض الأول النية وحقيقتها الإرادة المتوجهة نحو الفعل ابتغاء رضا الله وامتثال حكمه وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه والتلفظ بها غير مشروع ودليل فرضيّتها حديث عمر أن رسول الله قال " إنما الأعمال بالنيّات وإنما لكل امريء ما نوى . (2) من فرائض الوضوء غسل الوجه مرة واحدة أي إسالة الماء عليه لأن معنى الغسل الإسالة وحدُّ الوجه منأعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللحيين طولاً ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضاً . (3) من فرائض الوضوء غسل اليدين إلى المرفقين والمرفق هوالمفصل الذي بين العضد والساعد ويد
خل المرفقان فيما يجب غسله وهذا هو المطرد من هدي رسول الله ولم يرد عن رسول الله أنه ترك غسلهما . (4) من فرائض الوضوء مسح الرأس والمسح معناه الإصابة بالبلل ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقاً بالممسوح فوضع اليد أو الإصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحاً ثم إن ظاهر قول الله " وامسحُوا برؤوسكُم " لا يقتضي وجوب تعميم الرأس بالمسح بل يفهم منه أن مسح بعض الرأس يكفي في الامتثال والمحفوظ عن رسول الله في ذاك طرق ثلاث (1) مسح جميع رأسه . أن رسول الله مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب إلى قفه ثم ردّهما إلى المكان الذي بدأ منه " (2) مسحه على العمامة وحدها . أن رسول الله قال " امسحوا على الخفين والخمار " . وفي حديث عمرو ابن أميّة قال " رأيت رسول الله يمسح على عمامته وخفيه " . وقال عمر " من لم يطهره المسح على العمامة لا طهره الله " . (3) مسحه على الناصية والعمامة . أن رسول الله توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين " . (5) من فرائض الوضوء غسل الرجلين مع الكعبين وهذا هو الثابت المتواتر من فعل الرسول وقوله . قال ابن عمر تخلف عنا رسول الله في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته " ويل للأعقاب من النار " مرتين أو ثلاثاً . أجمع أصحاب رسول الله على غسل العقبين وما تقدم من الفرائض هو المنصوص عليه في قول الله " يأيُّها الّذين آمنُوا إذا قُمتُم إلى الصّلاة فاغسلُوا وجُوهكُم وأيديكُم إلى المرافق وامسحُوا برؤوسكُم وأرجُلكُم إلى الكعبين " (6) من فرائض الوضوء الترتيب لأن الله قد ذكر في الآية فرائض الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين وفريضة كل منهما الغسل بالرأس الذي فرضيته المسح والعرب لا تقطع الننظير عن نظيره إلا لفائدة وهي هنا الترتيب والآية ما سيقت إلا لبيان الواجب ولعموم قول رسول الله " ابدأوا بما بدأ الله به " ومضت السنة العملية على هذا الترتيب بين الأركان فلم ينقل عن رسول الله أنه توضأ إلا مرتباً والوضوء عبادة ومدار الأمر في العبادات على الإتباع فليس لأحد أن يخالف المأثور في كيفية وضوء رسول الله خصوصاً ما كان مطرداً منها . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ الوضوء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . الوضوء طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين . (( دليل مشروعيته )) ثبتت مشروعية الوضوء (1) الدليل الأول من الكتاب ، قال الله (( يأيّها الّذين آمنُوا إذ قُمتُم إلى الصّلاة فاغسلوا وُجُوهكُم وأيديكُم إلى المرافق وامسحُوا برؤوسكُم وأرجُلكُم إلى الكعبين )) . (2) الدليل الثاني من السنة . قال رسول الله " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " . (3) الدليل الثالث الإجماع انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء من لدن رسول الله إلى يومنا هذا فصار معلوماً من الدين بالضرورة . (( فضله )) ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة . قال رسول الله " إذا توضأ العبدُ فمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أُذنيه فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاتُه نافلةٌ " . قال رسول الله " إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل يصلح الله بها عمله كلّه وطهورُ الرجل لصلاته يكفّرُ الله بطهوره ذنُوبه وتبقى صلاته له نافلةٌ " . قال رسول الله " ألا أدلكم على ما يمحوالله به الخطايا ويرفع به الدرجات " قالوا بلى يا رسول الله قال " إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرّباط فذلكم الرّباط " . عن أبي هريرة أن رسول الله أتى المقبرة فقال " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم عن قريب لاحقون وددت لو أنا قد رأينا إخواننا " قالوا أولسنا إخوانك يارسول الله ؟ قال " أرأيت لو أن رجلاً له خيلٌ غُرٌّ مُحجّلةٌ بين ظهري خيل دُهم بُهم ألا يعرف خيله " ؟ قالوا بلى يارسول الله قال " فإنهم يأتون غرّا محجّلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال إنهم بدلوا بعدك فأقول سحقاٌ سحقاٌ " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ سنن الفطرة }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . اختار الله سنناً للأنبياء وأمرنا بالاقتداء بهم فيها وجعلها من قبيل الشعائر التي يكثر وقوعها ليُعرف بها أتباعهم ويتميزوا بها عن غيرهم وهذه الخصال تسمى سنن الفطرة وهي (1) الختان وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة لئلا يجتمع فيها الوسخ وليتمكن من الاستبراء من البول ولئلا تنقص لذة الجماع هذا بالنسبة إلى الرجل . وأما المرأة فيقطع الجزء الأعلى من الفرج بالنسبة لها وهو سنة قديمة . قال رسول الله " اختتن إبراهيم بعدما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم " . ومذهب الجمهور أنه واجب . (2) الاستحداد وهو حلق العانة . (3) نتف الإبط (4) تقليم الأظافر (5) قص الشارب أو إحفاؤه . قال رسول الله " خالفواالمشركين وفّرُوااللحى واحفوا الشّوارب " . قال رسول الله " خمس من الفطرة الاستحدادُ والختانُ وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر " . فلا يتعين منهما شيء وبأيهما تتحقق السنة فإن المقصود أن لا يطول الشارب حتى يتعلق به الطعام والشراب ولا يجتمع فيه الأوساخ . قال رسول الله " من لم يأخذ من شاربه فليس منا " . ويستحب الاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب أو إحفاؤه كل أسبوع استكمالاً للنظافة واسترواحاًً للنفس فإن بقاء بعض الشعور في الجسم يولد فيها ضيقاً وكآبة وقد رخص ترك هذه الأشياء إلى الأربعين ولا عذر لتركه بعد ذلك . عن أنس قال " وقّت لنا رسول الله في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا يترك أكثر من أربعين ليلة " . (6) إعفاء اللحية وتركها حتى تكثر بحيث تكون مظاهر الوقار فلا تقصر تقصيراً يكون قريباً من الحلق ولا تترك حتى تفحش بل يحسن التوسط فإنه في كل شيء حسن ثم إنها من تمام الرجولة وكمال الفحولة . قال رسول الله " خالفوا المشركين وفّروااللحّي وأحفواالشارب " . وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه " . (7) إكرام الشعر إذا وفر وترك بأن يدهن ويسرح . قال رسول الله " من كان له شعر فليكرمه " . عن عطاء ابن يسار قال " أتى رجل رسول الله ثائر الرأس واللحية فأشار إليه رسول الله كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته ففعل ثم رجع فقال رسول الله " أليس هذ خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان " . عن أبي قتادة " أنه كان له جمة ضخمة فسأل رسول اللهفأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم " وفي رواية " قلت يارسول الله إن لي جُمّة أفأرجلها ؟ قال نعم وأكرمها " . وأما حلق بعضه وترك بعضه فيكره تنزيهاً . لحديث نافع عن ابن عمر قال " نهى رسول الله عن القزع فقيل لنافع ما القزعُ ؟ قال أن يُحلق بعضُ رأس الصبي ويترك بعضه " . (8) ترك الشيب وإبقاؤه سواء كان في اللحية أم في الرأس والمرأة في ذلك سواء . قال رسول الله " لا تنتف الشيب فإنه نور المسلم مامن مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنةٌ ورفعه بها درجة وحطّ عنه بها خطيئةً " . عن أنس قال " كنا نكره أن ينتف الرجلُ الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته " . (9) تغيير الشيب بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها . قال رسول الله " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " . قال رسول الله " إن أحسن ما غيّرتُم به هذاالشيب الحناء والكتم " . وأما حديث جابر قال " جيء بأبي قحافة والد أبي بكر يوم الفتح إلى رسول الله وكان رأسه ثغامة فقال رسول الله " اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشيء وجنبوه السواد " . رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي فإنه واقعة عين ووقائع الأعيان لا عموم لها ثم إنه لا يستحسن لرجل كأبي قحافة وقد اشتعل رأسه شيباً أن يصبغ بالسواد فهذا مما لا يليق بمثله . (10) التطيُّب بالمسك وغيره من الطّيب الذي يسر النفس ويشرح الصدر وينبه الروح ويبعث في البدن نشاطاً وقوة . قال رسول الله " حُبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب وجُعلت قرة عيني في الصلاة " . قال رسول الله " من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة " . أن رسول الله قال في المسك " هو أطيب الطيّب " . كان ابن عمر يستجمر بالألوّة وبكافور يطرحه مع الألوّة ويقول هكذا كان يستجمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ قضاء الحاجة }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . آداب لقاضي الحاجة (1) أن لا يستصحب ما فيه اسم الله إلا إن خيف عليه الضياع أو كان حرزاً . أن رسول الله لبس خاتماً نقشهُ محمدرسول الله فكان إذا دخل الخلاء وضعه . (2) البُعد والاستتار عن الناس لاسيما عند الغائط لئلا يُسمع له صوت وتُشم له رائحةٌ . عن جابر قال " خرجنا مع رسول الله في سفر فكان لا يأتي البراز حتى يغيب فلا يُرى " . كان رسول الله إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد . " أن رسول الله كان إذا ذهب المذهب أبعد " . (3) الجهر بالتسمية والاستعاذة عند الدخول في البنيان وعند تشمير الثياب في الفضاء . عن أنس قال " كان رسول الله إذا أراد أن يدخل الخلاء قال " بسم الله اللهمّ إني أعوذ بك من الخُبث والخبائث " . (4) أن يكف عن الكلام مطلقاً فلا يرد سلاماً ولا يجيب مؤذناً إلا لما لا بد منه كإرشاد أعمى يخشى عليه من التردي فإن عطس أثناء ذلك حمد الله في نفسه ولا يحرك به لسانه . عن ابن عمر قال " أن رجلاً مرّ بارسول الله وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه " . عن أبي سعيد قال سمعت رسول الله يقول " لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك " .هذا الحديث بظاهره يفيد حرمة الكلام إلا أن الإجماع صرف النهي عن التحريم إلى الكراهية . (5) أن يعظّم القبلة فلا يستقبلها ولا يستدبرها . أن رسول الله قال " إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها " . وهذا النهي محمول على الكراهية لحديث ابن عمر قال " رقيتُ يوماً بيت حفصة فرأيت رسول الله على حاجته مستقبلُ الشام مستدبر الكعبة " . أو يقال في الجمع بينهما إن التحريم في الصحراء والإباحة في البيان . عن مروان الأصغر قال " رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها فقلت أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن ذلك ؟ قال بلى إنما نهى عن هذا في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس " . (6) أن يطلب مكاناً ليناً منخفضاً ليحترز فيه من إصابة النجاسة . عن إبي موسى قال " أتى رسول الله إلى مكان دمث إلى جنب حائط فبال وقال إذا بال أحدكم فليرتد لبوله " . (7) أن يتّقي الجُحر لئلا يكون فيه شيء يؤذيه من الهوام . لحديث قتادة عن عبد الله ابن سرجس قال " نهى رسول الله أن يبال في الجُحر قالوا لقتادة ما يكره من البول في الجُحر ؟ فقال إنها مساكن الجن " . (8) أن يتجنب ظل الناس وطريقهم ومتحدثهم . قال رسول الله " اتّقوا اللاعنين " قالوا وما اللاعنان يارسول الله ؟ قال " الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلتهم " . (9) أن لا يبول في مستحمه ولا في الماء الراكد أو الجاري . أن رسول الله قال " لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه " . أن رسول الله نهى أن يبال في الماء الراكد " . أن رسول الله نهى أن يبال في الماء الجاري " . فإن كان في المغتسل نحو بالوعة فلا يكره البول فيه . (10) أن لا يبول قائماً لمنافاته الوقار ومحاسن العادات ولأنه قد يتطاير عليه رشاشه فإذا أمن من الرشاش جاز . قالت عائشة " من حدثكم أن رسول الله بال قائماً فلا تصدقوه ما كان يبول إلا جالساً " . أن رسول الله انتهى إلى سُباطة قوم فبال قائماً فتنحّيتُ فقال " أدنه " فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ ومسح على خفيه " . البول جالساً أحب إلي وقائماً مباح وكل ذلك ثابت عن رسول الله . (11) أن يزيل ما على السبيلين من النجاسة وجوباً بالحجر وما معناه من كل جامد طاهر قالع للنجاسة ليس له حرمة أو يزيلها بالماء فقط أو بهما معاً . لحديث عائشة أن رسول الله قال " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزيء عنه " . عن أنس قال " كان رسول الله يدخل الخلاء فأحملُ أنا وغلامٌ نحوي إداوةٌ من ماء وعنزةٌ فيستنجي بالماء " . عن ابن عباس أن رسول الله مر بقبرين فقال " إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " . عن أنس مرفوعاً " تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه " . (12)أن لا يستنجى بيمينه تنزيهاًلها عن مباشرة الأقذار . لحديث عبد الرحمن ابن زيد قال قيل لسلمان " قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة فقال سلمان أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو ببول نستنجي باليمين أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار وأن لا يستنجي برجيع أو بعظم " . عن حفصة " أن رسول الله كان يجعل يمينه لأكله وشربه وثيابه وأخذه وعطائه وشماله سوى ذلك " . (13) أن يدلك يده بعد الاستنجاء بالأرض أو يغسلها بصابون ونحوه ليزول ما علق بها من الرائحة الكريهة . ‘ن أبي هريرة قال " كان رسول الله لإذاأتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى ثم مسح يده على الأرض " . (14) أن ينضح فرجه وسراويله بالماء إذا بال ليدفع عن نفسه الوسوسة فمتى وجد بللاً قال هذا أثر النضح . كان رسول الله إذا بال توضأ وينتضح " . (15) أن يقدم رجله اليسرى في الدخول فإذا خرج فليقدم رجله اليمن ثم ليقل غفرانك . أن رسول الله كان يقول الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيّ قوّته وأذهب عني أذاه " . أن رسول الله كان يقول " الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " . عن عائشة " أن رسول الله كان إذا خرج من الخلاء قال " غفرانك " . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

السبت، 19 نوفمبر 2011

{{ تطهير النعل وفوائد تكثر الحاجة إليها }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . يطهر النعل المتنجس والخف بالدلك بالأرض إذا ذهب أثر النجاسة . أن رسول الله قال " إذا وطيء أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طُهورٌ " . وفي رواية " إذا وطيء الأذى بخفيّة فطهورهما التراب " . أن رسول الله قال " إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه فلينظر فيهما فإذا رأى خبثّا فليمسحه بالأرض ثم ليُصل فيهما " . ولنه محل تتكرر ملاقاته للنجاسة غالباً فأجزأ مسحه بالجامد كمحل الاستنجاء بل هو أولى فإن محل الاستنجاء يلاقي النجاسة مرتين أو ثلاثاً . (( فوائد تكثر الحاجة إليها )) (1) من خفي عليه موضع النجاسة من الثوب وجب عليه غسله كله لأنه لا سبيل إلى العلم بتيقن الطهارة إلا بغسله جميعه فهو من باب " مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب " . (2) إن اشتبه الطاهر من الثياب بالنجس منها يتحرى فيصلي في واحد منها صلاة واحدة كمسألة القبلة سواء كثر عدد الثياب الطاهرة أم قلّ . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ تطهير المرآة والسكين ونحوها وفوائد تكثر الحاجة إليها }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . تطهير المرآة والسكين والسيف والظفر والعظم والزجاج والآنية المدهونة وكل لا مسام له بالمسح الذي يزول به أثر النجاسة وقد كان الصحابة يصلون وهم حاملو سيوفهم وقد أصابهم الدم فكانوا يمسحونها ويجتزئون بذلك . (( فوائد تكثر الحاجة إليها )) (1) لا يجب غسل ما أصابه طين الشوارع . قال كميل ابن زياد رأيت عليّاً يخوض طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه . (2) إذا انصرف الرجل من صلاته فرأى على ثوبه أو بدنه نجاسة لم يكن عالّما بها أو كان يعلمها ولكنه نسيها أو لم ينسها ولكنه عجز عن إزالتها فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه لقول الله " وليس عليكم جُناح فيما أخطأتم به " . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) . 

{{ تطهير جلد الميتة وفوائد تكثر الحاجة إليها }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . تطهير جلد الميتة يطهر جلد الميتة ظاهراً أو باطناً بالدباغ . أن رسول الله قال " إذا دُبغ الإهاب فقد طهُر " . (( فوائد تكثر الحاجة إليها )) (1) حبل الغسيل ينشر عليه الثوب النجس ثم تجففه الشمس أو الريح لا بأس بنشر الثوب الطاهر عليه بعد ذلك . (2) لو سقط شيء على المرء لا يدري هل هو ماء أو بول لا يجب عليه أن يسأل فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولو علم أنه نجس ولا يجب عليه غسل ذلك . (3) إذا أصاب الرّجل أو الذّيل بالليل شيء رطب لا يعلم ما هو لا يجب عليه أن يشمه ويتعرف ماهو . أن عمر مر يوماً فسقط عليه شيء من ميزاب ومعه صاحب له فقال ياصاحب الميزاب ماءك طاهر أو نجس ؟ فقال عمر ياصاحب الميزاب لا تخبرنا ومضى . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ تطهير الثوب والبدن وتطهير السمن ونحوه }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . الثوب والبدن إذا أصابتهما نجاسة يجب غسلهما بالماء حتى تزول عنهما إن كانت مرئية كالدم فإن بقي بعد الغسل أثر يشق زواله فهو معفو عنه فإن لم تكن مرئية كالبول فإنه يكتفي بغسله ولو مرة واحدة . عن أسماء بنت أبي بكر قالت جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت " إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع به ؟ فقال رسول الله تحتّه ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه " . وإذا أصابت النجاسة ذيل ثوب المرأة تطهره الأرض . روي أن امرأة قالت لأم سلمة " إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ؟ فقالت أم سلمة لها قال رسول الله " يطهّره ما بعده " . (( تطهير السمن ونحوه )) أن رسول الله سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال رسول الله " ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم " . الاتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئاً من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه ، وأما المائع فاختلفوا فيه فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاة النجاسة . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ من أنواع النجاسات الكلب وتطهير الأرض }}

من أنواع النجاسات الكلب وهو نجس ويجب غسل ماولغ فيه سبع مرات أولاهن بالتراب . لحديث أبي هريرة قال قال رسول الله " طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب " . ولو ولغ في إناء فيه طعام جامد ألقي ما أصابه وما حوله وانتفع بالباقي على طهارته السابقة أما شعر الكلب فالأظهر أنه طاهر ولم تثبت نجاسته .(( تطهير الأرض )) تُطهر الأرض إذا أصبتها نجاسة بصب الماء عليها . لحديث أبي هريرة قال قام أعرابيٌ فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال رسول الله " دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " . وتطهر أيضاً بالجفاف هي وما يتصل بها اتصال قرار كالشجر والبناء . قال أبو قلابة جفاف الأرض طهورها وقالت عائشة " زكاة الأرض يبسها " . هذا إذا كانت النجاسة مائعة أما إذا كان لها جرم فلا تطهر إلا بزوال عينها أو بتحولها . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

{{ من أنواع النجاسات الخمر }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . الخمر وهي نجسة لقول الله " إنّما الخمر والميسر والأنصابُ والأزلامُ رجسٌ من عمل الشّيطان " . وذهبت طائفة إلى القول بطهارتها وحملوا الرجس في الآية على الرجس المعنوي لأن لفظ رجس خبر عن الخمر وما عطف عليها وهو لا يوصف بالنجاسة الحسية قطعاً قال الله " فاجتنبُوا الرّجس من الأوثان " فالأوثان رجس معنوي لا تنجس من مسها ولتفسيره في الآية بأنه من عمل الشيطان يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وفي سبل السلام " والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة وإنّ التحريم لا يلازم النجاسة فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة وأما النجاسة فيلازمها التحريم فكل نجس محرم ولا عكس وذلك لأن الحكم بالتحريم فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة شرعية وإجماعاً إذا عرفت هذا فتحريم الخمر الذي دلت عليه النصوص لا يلزم منه نجاستها بل لابد من دليل آخر عليه وإلا بقيا على الأصول المتفق عليها من الطهارة فمن ادعي خلافه فالدليل عليه . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ من أنواع النجاسات الجلالّة }}

 الجلالّة هي التي تأكل العذرة ، ورد النهي عن ركوب الجلالّة وأكل لحمها وشرب لبنها . عن ابن عباس قال " نهى رسول الله عن شرب لبن الجلالّة " . وفي رواية " نهى عن ركوب الجلالّة " . عن عمر ابن شعيب عن أبيه عن جده قال " نهى رسول الله عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالّة عن ركوبها وأكل لحومها " . والجلالّة هي التي تأكل العذرة من الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها حتى يتغير ريحها فإن حبست بعيدة عن العذرة زمناّ وعلفت طاهراً فطاب لحمها وذهب اسم الجلالّة عنها حُلّت لأن علة النهي التغيير وقد زالت .                                  (( آخردعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

{{ من أنواع النجاسات بول وروث ما لا يؤكل لحمه }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . بول وروث مالايؤكل لحمه وهما نجسان . لحديث ابن مسعود قال أتى رسول الله الغائط فأمرني أن آتيهبثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال " هذا رجس " . وفي رواية " إنها ركس إنها روثة حمار " ويعفى عن اليسير منه لمشقة الاحتراز عنه . قال الوليد ابن مسلم قلت للأوزاعي فأبوال الدواب مما يؤكل لحمه كالبغل والحمار والفرس ؟ فقال قد كانوا  يبتلون بذلك في مغازيهم فلا يغسلونه من جسد أو ثوب وأما بول وروث ما يؤكل لحمه فقد ذهب إلى القول بطهارته المذهب المالكي والمذهب الحنبلي والمذهب الشافعي . لم يذهب أحد من الصحابة إلى القول بنجاسته بل القول بنجاسته قول محدث لا سلف له من الصحابة . قال أنس " قدم أناس من عكلأو عُرينة فاجتوواالمدينة فأمرهم رسول الله بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها " . دل هذاالحديث على طهارة بول الإبل وغيرها من مأكول اللحم يقاس عليه . قال ابن المنذر ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الأقوام لم يصب إذالخصائص لا تثبت إلا بدليل قال وفي ترك أهل العلم بيع أبعار الغنم في أسواقهم واستعمال أبوال الإبل في أدويتهم قديماً من غير نكير دليل على طهارتها . الظاهر طهارة الأبوال والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه تمسكاً بالأصل واستصحاباً للبراءة الأصلية والنجاسة حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصل والبراءة فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنهما ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلاً لذلك . (( آخردعواناالحمد لله ربّ العالمين )) .

{{ من أنواع النجاسات المذي والودي والمني }}

المذي هو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير في الجماع أو عند الملاعبة وقد لا يشعر الإنسان بخروجه ويكون من الرجل والمرأة إلا أنه من المرأة أكثر . وهو نجس إلا أنه أذاأصاب البدن وجب غسله وإذا أصاب الثوب اكتفى فيه بالرش بالماء ، لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز عنها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف  من بول الغلام . عن علي قال " كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً أن يسأل رسول الله لمكان ابنته فسأل فقال رسول الله "  توضأ واغسل ذكرك " . عن سهل ابن حنيف قال " كنت ألقى من المذي شدة وعناء وكنت أكثر من الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله فقال " إنما يجزيك من ذلك الوضوء فقلت يارسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال رسول الله " يكفيك أن تأخذ كفّاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه " . ورواه الأثرم بلفظ " كنت ألقى من المذي عناء فأتيت رسول الله فذكرت له ذلك فقال رسول الله يجزيك أن تأخذ حفنة من ماء فترش عليه " . (( من أنواع النجاسات الودي )) الودي هو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول وهو نجس ، من غير خلاف . قالت عائشة " وأما الودي فإنه يكون بعد البول فيغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ ولا يغتسل " . عن ابن عباس المذي والودي والمني أماالمذي والودي ففيهما إسباغ الطهور وأما المني ففيه الغسل . " وأما الودي والمذي فقال أغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك في الصلاة " . (( من أنواع النجاسات المني ))المني ذهب بعض العلماء إلى القول بنجاسته ، المني الظاهر أنه طاهر ، ولكن يستحب غسله إذا كان رطباً وفركه إن كان يابساً . قالت عائشة " كنت أفرك المي من ثوب رسول الله إذا كان يابساً وأغسله إذا كان رطباً " . سئل رسول الله عن المني يصيب الثوب ؟ فقال رسول الله إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة " . (( آخردعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

الخميس، 17 نوفمبر 2011

{{ من أنواع النجاسات لحم الخنزير والقيء الآدمي وبوله ورجيعه }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . قال الله " قُل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمُهُ إلاّ أن يكون ميتةً أو دماً مسفُوحاً أو لحم خنزير فإنّهُ رجسٌ " أي فإنه ذلك كله خبيث تعافه الطباع السليمة فالضمير راجع إلى الأنواع الثلاثة . (( ومن أنواع النجاسات قيء الآدمي وبوله ورجيعه )) ونجاسة هذه الأشياء متفق عليها إلا أنه يعفى عن يسير القيء ويخفف في بول الصبي الذي لم يأكل الطعام فيكتفي في تطهيره بالرش لحديث أم قيس " أنها أتت رسول الله بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام وأن ابنها ذاك بال في حجر رسول الله فدعا رسول الله بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله غسلاً " . وعن على قال قال رسول الله " بول الغلام ينضح عليه وبول الجارية يغسل " وهذا مالم يطعما فإن طعما غسل بولهما ، ثم إن النضح إنما يجزيء مادام الصبي يقتصر على الرضاع أما إذا أكل الطعام على جهة التغذية فإنه يجب الغسل بلا خلاف . سبب الرخصة في الاكتفاء بنضحه ولوع الناس بحمله المفضي إلي كثرة بوله عليهم ومشقة غسل ثيابهم فخفف فيه ذلك . (( آخردعواناالحمد لله ربّ العالمين )) .

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

{{ من أنواع النجاسات الدم }}

الدم سواء كان دماً مسفوحاً أي مصبوباً كالدم الذي يجري من المذبوح أم دم حيض إلا أنه يعفى عن اليسير منه . قال الله " أو دماً مسفُوحاً " المسفوح الذي يُهراق ولا بأس بما كان في العروق منها . عن عائشة قالت كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر . مازال المسلمون يصلون في جراحاتهم . وقد صح أن عمر صلى وجرحه يثعب دماً . كان أبوهريرة لا يرى بأساً بالقطرة والقطرتين في الصلاة وأما دم البراغيث وما يترش من الدمامل فإنه يعفى عنه لهذه الآثار . وسُئل أبو مجلز عن القيح يصيب البدن والثوب ؟ فقال ليس بشيء وإنما ذكرالله الدم ولم يذكر القيح . ويجب غسل الثوب من المدة والقيح والصديد . ولم يقيم دليل على نجاسته والأولى أن يتقيه الإنسان بقدر الإمكان . عن أبي مجلز في الدم يكون في مذبح الشاة أوالدم يكون في أعلى القدر ؟ قال لا بأس إنما نهى عن الدم المسفوح .                          (( آخردعواناالحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

{{ النجاسة ومن أنواع النجاسات(1) الميتة }}

 النجاسة هي القذارة التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها ويغسل ما أصابه منها . قال الله " وثيابك فطهّر " وقال الله " إن الله يُحبُّ التوّابين ويُحبُّ المُتطهّرين " وقال رسول الله " الطّهور شطر الإيمان " . (( من أنواع النجاسات (1) الميتة )) الميتة هي ما مات حتف أنفه أي من غير تذكية ويلحق بها ما قطع من الحي . قال رسول الله " وما قطع من البهيمة وهي حيّة فهو ميتة " . ويستثنى من ذلك (1) ميتة السمك والجراد فإنها طاهرة . قال رسول الله " أحل لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال " . (2) ميتة ما لا دم له سائل كالنحل والنمل فإنها طاهرة إذا وقعت في شيء وماتت فيه لا تنجسه . (3) عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها وجلدها وكل ما هو من جنس ذلك طاهر لأن الأصل في هذه كلها الطهارة ولا دليل على النجاسة . عن ابن عباس قال تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمرّ بها رسول الله فقال " هلاّ أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به ؟ فقالوا إنها ميتة فقال " إنما حرم أكلها " . عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية " قل لا أجد فيما أُوحي إلّي مُحرّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتةً " إلى آخر الآية ، وقال " إنما حرم ما يؤكل منها وهو اللحم فأما الجلد والقد والسن والعظم والشعر والصوف فهو حلال " . وكذلك أنفحة الميتة ولبنها طاهر لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا من جبن المجوس وهو يعمل بالأنفحة مع أن ذبائحهم تعتبر كالميتة وقد ثبت عن سلمان الفارسي أنه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء فقال " الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حّرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفاعنه " .              (( آخردعواناالحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

{{ من أحكام صلاة السفر صلاة التطوع في السفر والسفر يوم الجمعة }}

صلاة التطوع في السفر عدم كراهية النفل لمن يقصر الصلاة في السفر لا فرق بين السنن الراتبة وغيرها . أن رسول الله اغتسل في بيت أم هانىء يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات . عن ابن عمر أن رسول الله كان يُسبّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يوميء برأسه . كان أصحاب رسول الله يسافرون فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها . ويرى ابن عمر أنه لا يشرع التطوع مع الفريضة لا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل ورأي قوماً يُسبّحون بعد الصلاة فقال لو كنت مسبحاً لأتممت صلاتي ياابن أخي صحبت رسول الله فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين وذكر عمر وعثمان وقال " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " . (( من أحكام صلاة السفرالسفر يوم الجمعة )) لا بأس بالسفر يوم الجمعة مالم تحضر الصلاة . فقد سمع عمر رجلاً يقول لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت فقال عمر اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر وسافر أبو عبيدة يوم الجمعة ولم ينتظر الصلاة ، وأراد الزهري السفر ضحوة يوم الجمعة فقيل له ذلك فقال إن رسول الله سافر يوم الجمعة . (( آخردعواناالحمدُ لله ربِّ العالمين )) .

{{ من أحكام صلاة السفر متى يتم المسافر }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . متى يتم المسافر ، المسافر يقصر الصلاة مادام مسافراً فإن أقام لحاجة ينتظر قضاءها قصر الصلاة كذلك لأنه يعتبر مسافراً وإن أقام سنين فإن نوى الإقامة مدة معينة أن الإقامة لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم قصرت مالم يستوطن المكان الذي أقام فيه . " أقام رسول الله بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة ولم يقل للأمة لا يقصر الرجل الصلاة إذاأقام أكثر من ذلك ولكن اتفق إقامته هذه المدة " وهذه الإقامة في حال السفر لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم قصرت إذا كان غير مستوطن ولا عازم على الإقامة بذلك الموضع وقد اختلف السلف والخلف في ذلك اختلافاً كثيراً . عن ابن عباس قال " أقام رسول الله في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلي ركعتين وإن زدنا على ذلك أتممنا " . أن ابن عباس أراد مدة مقامه بمكة زمن الفتح فانه قال " أقام رسول الله بمكة ثماني عشرة يوماً من الفتح لأنه أراد حُنيناً ولم يكن ثم أجمع المقام وهذه إقامته التي رواها ابن عباس وقيل بل أراد ابن عباس مقامه بتبوك " أقام رسول الله بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة " ، وقال المسور ابن مخرمة " أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ونتمها " ، وقال نافع " أقام ابن عمر بأربيجان  ستة أشهر يصلي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول " وقال حفص ابن عبيد الله " أقام أنس ابن مالك بالشام سنتين يصلي صلاة المسافر " وقال أنس " أقام أصحاب رسول الله برام هرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة " قال المذهب الحنبلي إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر . وحمل هذه الآثار على أن رسول الله وأصحابه لم يُجمعوا الإقامة البتة بل كانوا يقولون اليوم نخرج غداً نخرج وفي هذا نظر لا يخفى فإن رسول الله فتح مكة وهي ما هي وأقام فيها يؤسس قواعد الإسلام ويهدم قواعد الشرك ويمهد أمر ما حولها من العرب ومعلوم قطعاً أن هذا يحتاج إلى إقامة أيام ولا يتأتى في يوم واحد ولا يومين وكذلك إقامته بتبوك فإنه أقام ينتظر العدو ومن المعلوم قطعاً أنه كان بينه وبينهم عدة مراحل يحتاج إلى أيام وهو يعلم أنهم لا يوافقون في أربعة أيام وكذلك إقامة ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة من أجل الثلج ومن المعلوم أن مثل هذا الثلج لا يتحلل ويذوب في أربعة أيام بحيث تفتح الطرق وكذلك إقامة أنس بالشام سنتين يقصر وإقامة الصحابة برام هرمز سبعة أشهر يقصرون ومن المعلوم أن مثل هذا الحصار والجهاد لا ينقضي في أربعة أيام . وإنه لو أقام لجهاد عدو أو حبس سلطان أو مرض قصر سواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة وهذا هو الصواب  شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي لا تقطع حكم السفر وهي ما دون الأربعة أيام . وقال المذهب المالكي والمذهب الشافعي إذا نوي إقامة أكثر من أربعة أيام أتم وإن نوي دونها قصر . وقال مذهب الأحناف إن نوي إقامة خمسة عشر يوماً أتم وإن نوي دونها قصر . وقالت عائشة يقصر مالم يضع الزاد والمزاد . والأئمة الأربعة  متفقون على أنه إذا أقام لحاجة ينتظر قضاؤها يقول اليوم أخرج غداً أخرج فإنه يقصر أبداً إلا المذهب الشافعي في أحد قوليه فإنه يقصر عنده إلى سبعة عشر أو ثمانية عشر يوماً ولا يقصر بعدها . أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر مالم يُجمع إقامة وإن أتي عليه سنون . (( آخردعواناالحمد لله ربّ العالمين )) .