(( تفسير سورة القدر ))
بسم الله الرحمن الرحيم *** إنآ أنزلنه فى ليلة القدر (1) ومآ أدراك ماليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنزل الملآئكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلام هى حتى مطلع الفجر (5) *** صدق الله العظيم - ( الشرح ) يخبر الله تعالى أنه أنزل القرآن الكريم فى ليلة القدر ، وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل ( أنا أنزلناه في ليلة مباركة ) وهي من شهر رمضان ، كما قال الله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) قال عبد الله ابن عباس : أنز الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله (ص) ثم قال الله تعالى معظما لشأن ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها فقال ( وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر ) روى ابن أبي حاتم ، عن مجاهد أن النبي (ص) ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر , قال فعجب المسلمون من ذلك قال فأنزل الله عز وجل ( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر ) التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر ، وروى ابن جرير ، عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي ، ففعل ذلك ألف شهر ، فأنزل الله هذه الآية ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) قيام تلك الليلة وعملها وصيامها خير من ألف شهر ، وقوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) أي يكثر تنزيل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما تتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم تعظيما له وأما الروح فقيل : المراد ههنا جبريل عليه السلام ، فيكون من باب عطف الخاص على العام ، وقيل : هم ضرب من الملائكة ، وقوله تعالى ( من كل أمر ) قال مجاهد سلام هي ، هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ، أو يعمل فيها أذى ، وقال قتادة : تقتضى فيها الأمور وتقدر الآجال والأرزاق ، وروى أبو داود الطيالسي ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : (( إنها ليلة سابعة , أو تاسعة وعشرين ، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى )) ، وقال قتادة وابن زيد في قوله : ( سلام هي ) يعني هي خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر ، وأمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة , كأن فيها قمرا ساطعا ، ساكنة ساجية لا برد فيها ولا حر ، والشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ، عن ابن عباس أن رسول الله (ص) قال : في ليلة القدر : (( ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء )) ، وعن جابر ابن عبد الله أن رسول الله (ص) قال : (( إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها وهي في العشر الأواخر من لياليها وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة ، كأن فيها قمرا لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها )) ، والله أعلى وأعلم ، وصلى اللهم على سيدنا محمد ، آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق