بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . التصوير وصناعة التماثيل ، جاءت الأحاديث الصحيحة الصريحة بالنهي عن صناعة التماثيل وعن تصوير ما فيه روح سواء أكان إنساناً أم حيواناً أم طيراً . أما ما لا روح فيه كالأشجار والأزهار ، ونحوها فإنه يجوز تصويره . عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ " . ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور " . ، وروي مسلم أن رجلاً جاء ابن عباس فقال : إني أصور هذه الصور فأفتن فيها ، فقال له ادن مني ، فدنا منه ، ثم أعادها ، فدنا منه ، فوضع يده على رأسه فقال : أنبئك بما سمعت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس فتعذبه في جهنم " وقال أن كنت لابد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له . ، عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فقال : أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثناً إلا كسره ولا قبراً إلا صوره إلا لطخها ؟ فقال رجل : أنا يارسول الله ، قال : فهاب أهل المدينة وانطلق الرجل ثم رجع فقال : يارسول الله ، لم ادع بها وثناً إلا كسرته ولا قبراً إلا سويته ولا صورة إلا لطختها ، ثم قال الرسول : من عاد إلى صنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " . (( إباحة صور لعب الأطفال )) ويستثنى منهذا لعب الأطفال كالعرائس ونحوها فإنه يجوز صنعها وبيعها . عن عائشة قالت " كنت ألعب بالبنات فربما دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي الجواري فإذا دخل خرجن وإذا خرج دخلن " . عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليها من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر ، فهبت الريح فكشفته عن بنات لعائشة لُعب ، فقال ما هذا ياعائشة ؟ قالت : بنتي ، ورأى بينهن فرساً له جناحان من وقاع فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ قالت : فرس ، قال : وما هذا الذي عليه ؟ قالت : جناحان ، قال : فرس له جناحان ؟ قالت : أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة ، قالت فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذاه " . (( النهي عن وضع الصور في البيت )) وكما يحرم صنع التماثيل والصور يحرم اقتناؤها ووضعها في البيت ، ومن الواجب كسرها حتى لا تبقى على صورة التمثال . روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نفضه . وروي أن رسول الله قال " إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل " . (( الصور التي لا ظل لها )) كل ماسبق ذكره خاص بالصور المجسدة التي لها ظل . أما الصور التي لا ظل لها ، كالنقوش في الحوائط وعلى الورق والصور التي توجد في الملابس والستور والصور الفوتوغرافية ، فهذه كلها جائزة . وكانت ممنوعة في أول الأمر ثم رخص فيها . والذي يدل على المنع ماذكرته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عليَّ رسول الله وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل ، فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال " ياعائشة : أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله " . وقالت عائشة فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين . ، والذي يدل على الترخيص : ما رواه يسر ابن سعيد عن زيد ابن خالد عن طلحة عن النبي قال " إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه الصور قال يسر : ثم اشتكى زيد فعدناه فإذا على بابه ستر فيه صور فقلت لعبيد الله ، ربيب ميمونة زوج النبي ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول ، فقال عبيد الله ألم تسمعه حين قال إلا رقما في ثوب " . عن عائشة قالت كانت لنا ستر فيه تمثال طائر وكان الداخل إذا دخل استقبله فقال رسول الله " حوِّلي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا " . فهذا الحديث دليل على أنه ليس بحرام لأنه لو كان حراماً في آخر الأمر لأمر بهتكه ولما اكتفى بمجرد تحويله وجهه , ثم ذكر أن علة تحويل وجهه هو تكيره بالدنيا ، وأيد هذا الطحاوي من أئمة الأحناف فقال " إنما نهى الشارع أولاً عن الصور كلها ، وإن كانت رقماً ، لأنهم كانوا حديثي عهد بعبادة الصور فنهى عن ذلك جملة ، ثم لما تقرر نهيه عن ذلك أباح ما كان رقما في ثوب للضرورة إلى إتخاذ الثياب وأباح ما يمتهن ، لأنه يأمن على الجاهل تعظيم ما يمتهن , وبقى النهي فيما لا يمتهن " . وقال ابن حزم : وجائز للصبايا خاصة اللعب ولا يحل لغيرهن . والصور محرمة إلا هذا وإلا ما كان رقما في ثوب . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربّ العالمين )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق