الأحد، 18 ديسمبر 2011

{{ التَّيَمُّم }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . التيمُّم هو القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة . ( دليل مشروعية التيمُّم ؟ ) . ثبتت مشروعية التيمم بالكتاب والسُّنة والإجماع . من الكتاب قال الله " وإن كُنتُم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكُم من الغائط أو لامستُم النَّساء فلم تجدُوا ماءً فتيمَّمُوا صعيداً طيَّباً فامسحُوا بوجُوهكُم وأيديكُم إنَّ الله كان عفُوَّاً غفُوراً " . ومن السُّنة . أن رسول الله قال " جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجداً وطهوراُ فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة فعنده طهوره " . ومن الإجماع . فلأن المسلمين أجمعوا على أن التيمم مشروع بدلاً عن الوضوء والغسل في أحوال خاصة . ( اختصاص هذه الأمة بالتيمم ؟ ) . التيمم هو من الخصائص التي خص الله بها هذه الأمة . أن رسول الله قال " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي نصُرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث في قومه خاصة وبعثت إلي الناس عامة " . ( سبب مشروعية التيمم ؟ ) . سبب مشروعيته عن عائشة قالت " خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي فأقام رسول الله على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا ألا ترى إلى ما صنعت عائشة ؟ فجاء أبو بكر ورسول الله على فخذي قد نام فعاتبني وقال ماشاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده خاصرتي فيما يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي فنام حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا قال أسيد ابن حضير ماهي أول بركتكم ياآل أبي بكر ! ! فقالت عائشة فبعثناالبعيرالذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته " . ( الأسباب البيحة للتيمم ؟ ) . يباح التيمم للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر في الحضر والسفر إذا لم يجد الماء أو وجد منه مالا يكفيه للطهارة . عن عمران ابن حصين قال " كنا مع رسول الله في سفر فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل قال " ما منعك أن تصلي " ؟ قال أصابتني جنابة ولا ماء قال " عليك بالصعيد فإنه يكفيك " . عن رسول الله قال " إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشر سنين " . قبل أن يتيمم يجب عليه أن يطلب الماء من رحله أو من رفقته أو ما قرب منه عادة فإذا تيقن عدمه أو أنه بعيد عنه لا يجب عليه الطلب . إذا كان به جراحة أو مرض وخاف من استعمال الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء سواء عرف ذلك بالتجربة أوبإخبار الثقة من الأطباء . عن جابر قال " خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسهثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على رسول الله أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذلم يعلموا ؟ فإنما شفاء العيّ السؤال إنما يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده " . إذا كان الماء شديد البرودة وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله بشرط أن يعجز عن تسخينه ولو بالأجر أو لا يتيسر له دخول الحمام . عن عمرو ابن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال احتلمت في ليلة شديدة البرودة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على رسول الله ذكروا ذلك له فقال " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب " ؟ فقلت ذكرت قول الله " ولا تقتلُوا أنفُسكُم إنّ الله كان بكم رحيما " فتيممت ثم صليت فضحك رسول الله ولم يقل شيئاً " . إذا كان الماء قريباً منه إلا أنه يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله أو فوت الرفقة أو حال بينه وبين الماء عدو يخشى منه سواء كان العدو آدمياً أو غيره أو كان مسجوناً أو عجز عن استخراجه لفقد آلة الماء كحبل ودلو لأن وجود الماء في هذه الأحوال كعدمه وكذلك من خاف إن اغتسل أن يرمي بما هو بريء ويتضرر به جاز التيمم . إذا احتاج إلى الماء حالاً أو مآلاً لشربه أو شرب غيره ولو كان كلباً غير عقور أو احتاج له لعجن أو طبخ وإزالة نجاسة غير معفو عنها فإنه يتيمم ويحفظ ما معه من الماء . في الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة ومعه قليل من الماء يخاف أن يعطش " يتيمم ولا يغتسل . ومن كان حاقناً عادماً للماء فالأفضل أن يصلي بالتيمم غير حاقن من أن يحفظ وضوءه ويصلي حاقناً . إذا كان قادراً على استعمال الماء لكنه خشى خروج الوقت باستعماله في الوضوء أو الغسل فإنه يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه . ( الصعيد الذي يتيمم به ؟ ) يجوز التيمم بالتراب الطاهر وكل ما كان من جنس الأرض كالرمل والحجر والجص . لقول الله " فتيمموا صعيداً طيباً " وقد أجمع أهل اللغة على أن الصعيد وجه الأرض ترابا كان أو غيره . ( كيفية التيمم ؟ ) على المتيمم أن يقدم النية ثم يسمي الله ويضرب بيديه الصعيد الطاهر ويمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين . عن عمار قال أجنبت فلم أصب الماء فتمعّكت في الصعيد وصليت فذكرت ذلك للرسول فقال " إنما كان يكفيك هكذا " وضرب الرسول بكفيه في الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه " وفي لفظ آخر " إنما يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين " . ففي هذا الحديث الاكتفاء بضربة واحدة والاقتصار في مسح اليدين على الكفين وأن من السنة لمن تيمم بالتراب أن ينفض يديه وينفخهما منه ولا يعفر به وجهه . ( ما يباح به التيمم ؟ ) التيمم بدل من الوضوء والغسل عند عدم الماء فيباح به ما يباح بهما من الصلاة ومس المصحف وغيرهما ولا يشترط لصحته دخول الوقت وللمتيمم أن يصلى بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل فحكمه كحكم الوضوء سولء بسواء . أن رسول الله قال " إن الصعيد طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير " . ( نواقض التيمم ؟ ) ينقض التيمم كل ما ينقض الوضوء لأنه بدل منه كما ينقضه وجود الماء لمن فقده أو القدرة على استعماله لمن عجز عنه لكن إذا صلى بالتيمم ثم وجد الماء أو قدر على استعماله بعد الفراغ من الصلاة لا تجب عليه الإعادة وإن كان الوقت باقياً . عن أبي سعيد الخدري قال خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيباً فصليا ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله فذكرا له ذلك فقال للذي لم يُعد " أصبت السنة وأجزأتك صلاتك " وقال للذي توضأ وأعاد " لك الأجر مرتين " . أما إذا وجد الماء وقدر على استعماله بعد الدخول في الصلاة وقبل الفراغ منها فإن وضوءه ينتقض ويجب عليه التطهر بالماء . وإذا تيمم الجنب أو الحائض لسبب من الأسباب المبيحة للتيمم وصلى لا تجب عليه إعادة الصلاة ويجب عليه الغسل متى قدر على استعمال الماء . عن عمران قال صلى رسول الله بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم قال " ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم " ؟ قال أصابتني جنابة ولا أجد ماء قال " عليك بالصعيد فإنك يكفيك " ثم ذكر عمران أنهم بعد أن وجدوا الماء أعطى رسول الله الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال " اذهب فأفرغه عليك . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق