الجمعة، 9 سبتمبر 2011

(( بناية البيت العتيق ))

{ بسم الله الرحمن الرحيم } { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } سورة الحج آية رقم 22 ** وقال الله تعالى :(( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين )) سورة آل عمران آية رقم 96 ** وقال الله تعالى : (( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )) ** وبعد .. يذكر الله تعالى عن عبده ورسوله وصفيه وخليله ، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء إبراهيم عليه السلام أنه بنى البيت العتيق الذي هو أول مسجد وضع لعموم الناس ، يعبدون الله فيه . وبوأه الله مكانه ، أي أرشده إليه ودله عليه . وقد قال الله تعالى : (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين )) أى أول بيت وضع لعموم الناس للبركة والهدى ، البيت الذي ببكة . وقيل محل الكعبة (( فيه آيات بينات ))أي على أنه بناء الخليل ، والد الأنبياء من بعده وإمام الحنفاء من ولده ، الذين يقتدون به ويتمسكون بسننه . ولهذا قال : (( مقام إبراهيم )) أي الحجر الذي كان يقف عليه قائم لما ارتفع البناء على قامته ، فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ،ليرتفع عليه لما تعالى البناء وعظم الفناء . وقد كان هذا الحجر ملصقاً بحائط على ما كان من قديم الزمان إلى أيام عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ، فأخره عن البيت قليلا ، لئلا يشغل المصلين عنده الطائفين بالبيت ، واتبع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في هذا ، فإنه قد وافقه ربه في أشياء : منها قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلي ، فأنزل الله :(( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي ))وقد كانت آثار قدمي الخليل باقية في الصخرة إلى أول الإسلام . وقد قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة . _ وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه *** وراق ليرقى في حراء ونازل *** وبالبيت حق البيت من بطن مكة *** وباللله إن اللله ليس بغافل *** وبالحجر المسود إذ يمسحونه *** إذ اكتنفوه بالضحى والأصائل *** وموطىء إبراهيم في الصخر رطبة *** على قدميه حافيا غير ناعل . ،يعني أن رجله الكريمة غاصت في الصخرة فصارت على قدر قدمه حافية لا منتعلة . ولهذا قال الله تعالى : (( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل )) أي في حال قولهما : (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )) فهما في غاية الإخلاص والطاعة لله عز وجل ، وهمايسألان من الله عز وجل السميع العليم أن يتقبل منهما فيه من الطاعة العظيمة والسعي المشكور : (( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ، وأرنا مناسكنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ))   والمقصود أن الخليل بنى أشرف المساجد في أشرف البقاع ، في واد غير ذي زرع ودعا لأهلها البركة ، وأن يرزقوا من الثمرات ، مع قلة المياه وعدم الأشجار والزرع والثمار ، وأن يجعله حرما محرماً وآمنا محتما . فاستجاب الله - وله الحمد - له مسألته ، ولبى دعوته ، وآتاه طلبه ، - لما أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت لم يدريا أين مكانه ، حتى بعث الله ريحا يقال له الخجوج ، فكنست لهما حول الكعبة من أساس البيت الأول ، وأتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس . وذلك حين يقول الله تعالى : (( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت )) فلما بلغا القواعد وبنيا الركن ، قال إبراهيم لإسماعيل : يابني اطلب لى حجرا حسنا أضعه هاهنا . قال يا أبت إني كسلان تعب . قال : على ذلك فانطلق ، وجاءه جبريل بالحجر الأسود ، وكان أبيض ياقوته بيضاء مثل الثغامة - والثغامة : شجرة بيضاء الثمر والزهر ، تنبت في قمة الجبل ، وإذا يبست اشتد بياضها ، والثغامة جمع : ثغام _ وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس ، فجاء إسماعيل بحجر فوجده عند الركن . فقال : يا أبت من جاءك بهذا ؟ قال : جاء به من هو أنشط منك . فبنيا وهما يدعوان الله : (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )) . والله أعلى وأعلم ، وصلى اللهم على محمد وآل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق