السبت، 24 سبتمبر 2011

(( ذكر مهاجرة إبراهيم بأبنه إسماعيل وأمه هاجر إلى جبال فاران ، وهي أرض مكة ))

بسم الله الرحمن الرحيم * ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم * ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم * وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ** صدق الله العظيم - وبعد ... الهجرة بأمر من الله . من اسباب هذه الهجرة وقصتها،  أن هاجر عليها السلام لما وُلد لها إسماعيل ، اشتدت غيرة سارة منها ، وطلبت من إبراهيم أن يغب وجهها عنها ، فذهب بها وبولدها ، فسار بها حتى وضعها حيث مكة اليوم . وكان اسماعيل ولدها إذ ذاك رضيعاً . فلما تركهما هناك وولى ظهره عنهما قامت هاجر وتعلقت بثيابه ، وقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتدعنا ها هنا وليس معنا ما يكفينا ؟ فلم يجيبها . فلما ألحت عليه وهو لا يجيبها قالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال نعم . قالت فإذن لا يضيعنا !فانطلق إبراهيم ، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال : * ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ... ورجعت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ؟ فلم تر أحداً . فهبطت من الصفاء حتى إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرفدرعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ؟ فلم تر أحداً فعلت ذلك سبع مرات . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( فلذلك سعى الناس بينهما )) صدق رسول الله . فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه ، تريد نفسها . ثم تسمعت فسمعت أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث . فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه _ أوقيل بجناحه ،  حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا . وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف . قال النبي صلى الله عليه وسلم (( يرحم الله أم إسماعيل ؟ لو تركت زمزم ، أو قال لولم تغرف من الماء ، لكانت زمزم عيناً معيناً )) ، فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فان ها هنا بيتاً لله يبنيه هذا الغلام وأبوه . وإن الله لا يضيع أهله ، وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقه من جرهم ، مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء . فأرسلوا جرياً أي رسول فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا . وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم . ولكن لا حق لكم في الماء عندنا . قالوا : نعم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الإنس ) . فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم . وشبّ الغلام وتعّلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شبّ . فلما أدرك زوجوه امرأة منهم . وماتت السيدة هاجر أم إسماعيل , فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت خرج يبتغي لنا . ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة , وشكت إليه . قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه . فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال : هل جاءكم من أحد ؟ فقالت : نعم جاءنا شيخ فسألنا عنك فأخبرته , وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة . قال فهل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأعليك السلام ، ويقول لك غير عتبة بابك . قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك , وطلقها وتزوج منهم أخرى ,ولبث عنهم إبراهيم ماشاء الله . ثم أتاهم بعد فلم يجده ، فسأل امرأته عنه , فقالت خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت نحن بخير وسعة , وأثنت على الله عز وجل . فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : (( اللهم بار لهم في اللحم والماء )) قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته , فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنّا بخير . قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك . قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك . ثم لبث عنهم ما شاء الله , ثم جاء بعدذلك وإسماعيل يبريء نبلاً له تحت دوحة قريباً من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال : يا إسماعيل ‘ن الله أمرني بأمر . قال : فأصنع ما أمرك به ربك ، قال : وتعينني ؟ قال وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتاً . وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها . فعند ذلك رفعا القواعد من البيت , فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني واسماعيل يناوله الحجارة فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )) صدق الله العظيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق