بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . متى يتم المسافر ، المسافر يقصر الصلاة مادام مسافراً فإن أقام لحاجة ينتظر قضاءها قصر الصلاة كذلك لأنه يعتبر مسافراً وإن أقام سنين فإن نوى الإقامة مدة معينة أن الإقامة لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم قصرت مالم يستوطن المكان الذي أقام فيه . " أقام رسول الله بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة ولم يقل للأمة لا يقصر الرجل الصلاة إذاأقام أكثر من ذلك ولكن اتفق إقامته هذه المدة " وهذه الإقامة في حال السفر لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم قصرت إذا كان غير مستوطن ولا عازم على الإقامة بذلك الموضع وقد اختلف السلف والخلف في ذلك اختلافاً كثيراً . عن ابن عباس قال " أقام رسول الله في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلي ركعتين وإن زدنا على ذلك أتممنا " . أن ابن عباس أراد مدة مقامه بمكة زمن الفتح فانه قال " أقام رسول الله بمكة ثماني عشرة يوماً من الفتح لأنه أراد حُنيناً ولم يكن ثم أجمع المقام وهذه إقامته التي رواها ابن عباس وقيل بل أراد ابن عباس مقامه بتبوك " أقام رسول الله بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة " ، وقال المسور ابن مخرمة " أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ونتمها " ، وقال نافع " أقام ابن عمر بأربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول " وقال حفص ابن عبيد الله " أقام أنس ابن مالك بالشام سنتين يصلي صلاة المسافر " وقال أنس " أقام أصحاب رسول الله برام هرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة " قال المذهب الحنبلي إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر . وحمل هذه الآثار على أن رسول الله وأصحابه لم يُجمعوا الإقامة البتة بل كانوا يقولون اليوم نخرج غداً نخرج وفي هذا نظر لا يخفى فإن رسول الله فتح مكة وهي ما هي وأقام فيها يؤسس قواعد الإسلام ويهدم قواعد الشرك ويمهد أمر ما حولها من العرب ومعلوم قطعاً أن هذا يحتاج إلى إقامة أيام ولا يتأتى في يوم واحد ولا يومين وكذلك إقامته بتبوك فإنه أقام ينتظر العدو ومن المعلوم قطعاً أنه كان بينه وبينهم عدة مراحل يحتاج إلى أيام وهو يعلم أنهم لا يوافقون في أربعة أيام وكذلك إقامة ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة من أجل الثلج ومن المعلوم أن مثل هذا الثلج لا يتحلل ويذوب في أربعة أيام بحيث تفتح الطرق وكذلك إقامة أنس بالشام سنتين يقصر وإقامة الصحابة برام هرمز سبعة أشهر يقصرون ومن المعلوم أن مثل هذا الحصار والجهاد لا ينقضي في أربعة أيام . وإنه لو أقام لجهاد عدو أو حبس سلطان أو مرض قصر سواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة وهذا هو الصواب شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي لا تقطع حكم السفر وهي ما دون الأربعة أيام . وقال المذهب المالكي والمذهب الشافعي إذا نوي إقامة أكثر من أربعة أيام أتم وإن نوي دونها قصر . وقال مذهب الأحناف إن نوي إقامة خمسة عشر يوماً أتم وإن نوي دونها قصر . وقالت عائشة يقصر مالم يضع الزاد والمزاد . والأئمة الأربعة متفقون على أنه إذا أقام لحاجة ينتظر قضاؤها يقول اليوم أخرج غداً أخرج فإنه يقصر أبداً إلا المذهب الشافعي في أحد قوليه فإنه يقصر عنده إلى سبعة عشر أو ثمانية عشر يوماً ولا يقصر بعدها . أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر مالم يُجمع إقامة وإن أتي عليه سنون . (( آخردعواناالحمد لله ربّ العالمين )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق