{{ هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة وصحبة أبى بكر الصديق }}
بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . هجرة الرسول من مكة إلى المدينة وصحبة أبى بكر . كان أبو بكر رجلاً ذا مال فكان حين استأّذن رسول الله فى الهجرة فقال له رسول الله " لا تَعجَل لَعَلَّ الله يَجعَلُ لَكَ صاَحباً " فابتاع راحلتين فاحتبسهما فى داره يَعلفهما إعداداُ لذلك . (( الرسول فى بيت أبى بكر يتفقان على الهجرة )) . عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان لا يخطىء رسول الله أن يأتى بيت أبى بكر أحد طرفى النهار إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان ذلك اليوم الذى أذن الله فيه لرسول الله في الهجرة والخروج من مكة من بين ظَهرَى قومه أتانا رسول الله بالهاجرة فى ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبوبكر قال ما جاء رسول الله هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تَأَخَرَ له أبابكر عن سريره فجلس رسول الله عليه وليس عند أبى بكر إلا أنا وأُختى أسماء بنت أبى بكر فقال رسول الله " أخرج عَنى مّن عندَكَ " فقال يارسول الله إنما هما ابنتاى وما ذاك فداك أبى وأُمى ؟ فقال " إنَّ اللهَ قَد أذن لى فى الخُرُوج وَالهجرَة " قالت فقال أبو بكر الصحبة يارسول الله قال " الصحبة " قالت فوالله مَا شَعَرتُ قَط قبل ذلك اليوم أن أحَدآً يبكى من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكى يومئذ ثم قال يَا نَبىّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعدَدتُهُمَا لهذا فاستَأجَرَا عبد الله ابن أرقط رَجُلاً من بنى الديل ابن بكر وكانت أُمه امرأة من بنى سهم ابن عمرو وكان مشركاً يدلُّهما على الطريق فدفعا إليه راحلتهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما . فلما أجمع رسولُ الله الخروج أتى أبابكر ابن أبى قُحَافَة فخرجا من خوخة لأبى بكر فى ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثورٍ بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنَهُ عبدَالله ابن أبى بكر أن يتسمَّع لهما ما يقول الناس فيهما نَهَارَهُ ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون فى ذلك اليوم من الخبر وأمر عَامرَ ابن فهيرة مولاه أن يَرعَ غنمه نَهَارَهُ ثم يُريحُهَا عليهما يأتيهما إذا أمسى فى الغار وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما . (( تأخر على ليرد ودائع رسول الله إلى أصحابها )) . ولم يعلم بخروج رسول الله أحدٌ حين خرج إلا على ابن أبى طالب وأبوبكر الصديق وآل أبى بكر أما علّى فإن رسول الله أخبره بخروجه وأمره أن يتخلَّف بعده بمكة حتى يؤدى عن رسول الله الودائع التى كانت عنده للناس وكان رسول الله ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم . (( رسول الله وأبو بكرفى غار ثور )) انتهى رسولُ الله وأبوبكر إلى الغار لَيلاً فدخل أبوبكر قبل رسول الله فَلَمَس الغار لينظر أفيه سَبُع أو حَيَّةٌ ؟ يقى رسول الله بنفسه . فأقام رسولُ الله فى الغار ثلاثاً ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائةَ ناقةَ لمن يَرُدُّهُ عليهم وكان عبد الله ابن أبى بكر يكون فى قريش نَهارَهُ معهم يَسمَع ما يأتمرون به وما يقولون فى شأن رسول الله وأبى بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامرابن فهيرة مولى أبى بكر يرعى فى رُعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبى بكر فاحتلبا وذبحا فإذاعبدالله ابن أبى بكر غدا من عندهما إلى مكة اتَبَعَ عامرُ ابن فهيرة أثره حتى يُعَفّى عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذى استأجراه ببَعيريَهٌما وبعيرٍ له . (( أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين )) وأتتهما أسماء بنت أبى بكر بسُفرتهماَ ونسيت أن تَجٌعَل لها عصَاماً فلما ارتحلا ذهبت لتُعَلّق السُّفرَة فإذا ليس فيها عصام فَتَحَلُّ نطَاقَهَا فتجعله عصَاماً ثم عَلَّقَتهَا به فكان يقال لأسماء بنت أبى بكر ذَاتُ النطاقين . (( رفقاء الرسول فى هجرته من مكة إلى المدينة )) قال أسماء بنت أبى بكر فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وَجَّهَ رسولُ الله وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة رسول الله وأبوبكر الصّدّيق وعامر ابن فهيرة مولى أبى بكر وعبدالله ابن أرقَط دليلهما . (( وصول رسول الله إلى المدينة )) عن أصحاب رسول الله قالوا لما سَمعنا بمخرج رسول الله من مكة وتوكَّفنا قدومه كنا نخرج إذا صلَّينا الصبح إلى ظاهر حَرّتنا ننتظر رسول الله فوالله ما نبرحُ حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلاً دخلنا وذلك فى أيام حَارَّة حتى إذا كان اليوم الذى قدم فيه رسول الله جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا وقدم رسول الله حين دخلنا البيوت فكان أول من رأه رجلٌ من اليهود وقد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله علينا فصرخ بأعلى صوته يا بنى قيلَةَ هذا جدكم قد جاء قال فخرجنا إلى رسول الله وهو فى ظل نخله ومعه أبوبكر فى مثل سنّه وأكثرُنا لم يكن رأى رسول الله قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبى بكر حتى زال الظل عن رسول الله فقال أبو بكر فأظَلَّهُ بردائه فعرفناه عند ذلك . (( بسم الله الرحمن الرحيم * إلاَّ تَنصُرُوه فَقَد نَصَرَهُ اللهُ إذ أخرَجَهُ الذينَ كَفَرُوا ثَانىَ اثنَين إذ هُما فى الغَار إذ يَقُولُ لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل اللهُ سكينتهُ عليه وأيّدهُ بجُنُودٍ لَّم تَرَوهَا وَجَعَلَ كَلمةَ الَّذين كَفرُوا السُّفلَى وَكَلمَةٌ الله هىَ العُليَا وَاللهُ عَزيزٌ حكيم * )) صدق الله العظيم . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق