بسم الله الرحمن الرحيم * * * وبعد . . استحباب رفع الصوت بالخطبة وتقصيرها والاهتمام بها قصر الخطبة وطول الصلاة دليلاً على فقه الرجل لأن الفقيه يعرف جوامع الكلم فيكتفي بالقليل من اللفظ على الكثير من المعنى . أن رسول الله يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنّةّ من فقه فأطيلاالصلاة وأقصرواالخطبة . كانت صلاة رسول الله قصداً وخطبته قصداً . كانرسول الله يطيل الصلاة ويقصر الخطبة . كان رسول الله إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم . يستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبينة من غير تمطيط ولا تقعير ولا تكون ألفاظاً مبتذلة ملفقة فإنها لا تقع في النفوس موقعاً كاملاً ولا تكون وحشية لأنه لا يحصل مقصودها بل يختار ألفاظاً جزلة مفهمة . وكذلك كانت خطب رسول الله إنما هي تقرير لأصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وذكر الجنة والنار وما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته وما أعد لأعدائه وأهل معصيته فيملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفة بالله وأيامه لا كخطب غيره التي إنما تفيد أموراً مشتركة بين الخلائق وهي النوح على الحياة والتخويف بالموت فإن هذا أمر لا يحصل في القلب إيماناً بالله ولا توحيداًله ولا معرفة خاصة ولا تذكيراً بأيامه ولا بعثاً للنفوس على محبته والشوق إلى لقائه فيخرج السامعون ولم يستفيدوا فائدة غير أنهم يموتون وتقسم أموالهم ويبلى التراب أجسامهم فياليت شعري أي إيمان حصل بهذا وأي توحيد وعلم نافع يحصل به ؟ ومن تأمل خطب رسول الله وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان الهدي والتوحيد وذكر صفات الله وأصول الإيمان الكلية والدعوة إلى الله وذكر آلائه التي تحببه إلى خلقه وأيامه التي تخوفهم من بأسه والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه ويأمرون من طاعته وشكره وذكره ما يحببهم إليه فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم ثم طال العهد وخفي نور النبوة وسارت الشرائع والأوامر رسوماً تقوم من غير مراعاة حقائقها ومقاصدها فأعطوها صورها وزينوها بما زينوهابه فجعلوا الرسوم والأوضاع سنناً لا ينبغي الإخلال بها وأخلوا بالمقاصد التي لا ينبغي الإخلال بها فرصّعوا الخطب بالتسجيع والفقر وعلم البديع فنقص بل عُدم حظ القلوب منها وفات المقصود بها . (( آخردعواناالحمدلله ربّ العالمين )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق