{{ حجة الوداع لرسول الله تشتمل على قواعد وجمل من الفوائد }}

بسم الله الرحمن الرحيم * وبعد . . حجة رسول الله عظيمة تشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد منها ، أن يكون الإحرام عقب صلاة فرض أو نفل وأن يرفع المحرم صوته بالتلبية ويستحب الاقتصار على تلبية رسول الله (( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك )) فإذا زاد في التلبية فلا بأس فقد زاد عمر (( لبيك ذا النعماء والفضل الحسن لبيك مرهوباً منك ومرغوباً إليك )) وفيه دلالة على أن غسل الإحرام سنة للنفساء والحائض ولغيرهما بالأولى وعلى استثفار الحائض والنفساء وعلى صحة إحرامهما . وأنه ينبغي للحاج القدوم أولاً إلى مكة ليطوف طواف القدوم وأن يستلم الركن (( الحجر الأسود )) قبل طوافه ويرمل في الثلاثة الأشواط الأولى والرّملُ إسراع المشي مع تقارب الخطا وهو الخبب وهذا الرمل يفعله ما عدا الركنين اليمانيين ثم يمشي أربعاً على عادته وأنه يأتي بعد تمام طوافه مقام إبراهيم ويتلو قول الله (( وأتخذُوا من مقام إبراهيم مصلّى )) ثم يجعل المقام بينه وبين البيت ويصلي ركعتين ويقرأ فيهما في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة الإخلاص . وأنه يشرع له الاستلام عند الخروج من المسجد كما فعله عند الدخول ، والاستلام سنة وأنه يسعى بعد الطواف ويبدأ من الصفا ويرقى إلى أعلاه ويقف عليه مستقبل الكعبة ويذكر الله ويدعوه ويرمل في بطن الوادي وهو الذي يقال له بين الميلين والرمل مشروع في كل مرة من السبعة الأشواط لا في الثلاثة الأول كما في طواف القدوم بالبيت وأنه يرقي أيضاً على المروة كما رقي على الصفا ويذكر ويدعو الله ، وبتمام ذلك تتم عمرته . فإن حلق أو قصر صار حلالاً . وهكذا فعل الصحابة الذين أمرهم رسول الله بفسخ الحج إلى العمرة . وأما من كان قارناً فإنه لا يحلق ولا يقصر ويبقى على إحرامه ثم في يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة يحرم من أراد الحج ممن حل من عمرته ويذهب هو ومن كان قارناً إلى منى والسنة أن يصلي بمنى الصلوات الخمس وأن يبيت بها هذه الليلة وهي ليلة التاسع من ذي الحجة . ومن السنة كذلك ألا يخرج يوم عرفة من منى إلا بعد طلوع الشمس ولا يدخل عرفات إلا بعد زوال الشمس وبعد صلاة الظهر والعصر جمعاً فإن رسول الله نزل بنمرة ليست من عرفات ولم يدخل الموقف إلا بعد الصلاتين . ومن السنة أن لا يصلي بينهما شيئاً وأن يخطب الإمام بالناس قبل الصلاة وهذه إحدى الخطب المسنونة في الحج ، والثانية أي من الخطب المسنونة يوم السابع من ذي الحجة عند الكعبة بعد صلاة الظهر . والثالثة أي من الخطب المسنونة خطبة يوم النحر والرابعة من الخطب المسنونة يوم النّفر الأول . وأن يجعل الذهاب إلى الموقف عند فراغه من الصلاتين وأن يقف في عرفات راكباً أفضل وأن يقف عند الصخرات عند موقف رسول الله أو قريباً منه وأن يقف مستقبل القبلة وأن يبقى في الموقف حتى تغرب الشمس ويكون في وقوفه داعياً لله رافعاً يديه إلى صدره وأن يدفع بعد تحقق غروب الشمس بالسكينة ويأمر الناس بها إن كان مطاعاً فإذا أتى المزدلفة نزل وصلى المغرب والعشاء جمعاً بأذان وإقامتين دون أن يتطوع بينهما شيئاً من الصلوات وهذا الجمع بين الصلاة متفق عليه بين العلماء وقيل سبب الجمع إنه نسك ، والعلة لمشروعية الجمع السفر لأنهم مسافرون . ومن السنن المبيت بمزدلفة وهو نسك . ومن السنة أن يصلي الصبح في المزدلفة ثم يدفع منها بعد ذلك فيأتي المشعر الحرام فيقف به ويدعو والوقوف عند المشعر الحرام من النسك . ثم يدفع منه عند إسفار الفجر إسفاراً بليغاً فيأتي بطن محسّر فيسرع فيه لأنه محل غضب الله فيه على أصحاب الفيل فلا ينبغي الأناة فيه ولا البقاء فيه . فإذا أتى الجمرة وهي جمرة العقبة نزل ببطن الوادي ورماها بسبع حصيات كل حصاة كحبة الباقلاءأي الفول يُكبّر مع كل حصاة . ثم ينصرف بعد ذلك إلى النحر فينحر إن كان عنده هدي ثم يحلق بعد نحره . ثم يرجع إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة وهو الذي يقال له طواف الزيارة ومن بعده يحل له كل ما حرم عليه بالإحرام حتى وطء النساء . وأما إذا رمى جمرة العقبة ولم يطف هذا الطواف فإنه يحل له كل شيء ما عدا النساء . هذه هو هدي رسول الله في حجه والآتي به مقتد برسول الله وممتثل لقوله (( خذوا عني مناسككم )) صدق رسول الله . (( آخردعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .